للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ص:  >  >>

ومعلوم أن المساكن من جنس الملابس، كلاهما جعل في الأصل للوقاية ودفع الضرر، كما جعل الأكل والشرب لجلب المنفعة، فاللباس يتقي الإنسان به الحر والبرد ويتقي به سلاح العدو، وكذلك المساكن يتقي بها الحر والبرد ويتقي بها العدو، وقال تعالى: {وَاللَّهُ جَعَلَ لَكُمْ مِنْ بُيُوتِكُمْ سَكَنًا} وقال: {وَاللَّهُ جَعَلَ لَكُمْ مِمَّا خَلَقَ ظِلَالًا وَجَعَلَ لَكُمْ مِنَ الْجِبَالِ أَكْنَانًا وَجَعَلَ لَكُمْ سَرَابِيلَ تَقِيكُمُ الْحَرَّ وَسَرَابِيلَ تَقِيكُمْ بَأْسَكُمْ كَذَلِكَ يُتِمُّ نِعْمَتَهُ عَلَيْكُمْ لَعَلَّكُمْ تُسْلِمُونَ} ، فذكر في هذا الموضع ما يحتاجون إليه لدفع ما قد يؤذيهم وذكر في أول السورة ما يضطرون إليه لدفع ما يضرهم،


= وهو من جملة المخصصات لقوله -صلى الله عليه وسلم: "صلاة في مسجدي هذا أفضل من ألف صلاة فيما سواه من المساجد؛ إلا المسجد الحرام". رواه مسلم.
فهو يدل على أن هذا الفضل خاص بالرجال دون النساء، وأن صلاتهن في بيوتهن خير من الصلاة في مسجده -صلى الله عليه وسلم- ومنه تعلم أن تهافت النساء على الصلاة فيه ولا سيما في موسم الحج؛ مما يدل على جهلهن بالشرع، أو استهتارهن بإرشاده، ولاسيما والكثير منهن يخالطن الرجال حتى في شدة الزحام، وذلك عند خروج الرجال من المسجد، فإلى الله المشتكى من قلة حيائهن، وقلَّة غَيرة رجالهن.
هذا ما كنت قلته في الطبعات السابقة، ثم بدا لي أنه لا مسوغ لادعاء التخصيص، وأن الصواب ترك الحديث على عمومه، فيشمل النساء أيضًا، وأنه لا ينافي أن صلاتهن في بيوتهن خير لهن، كما لا ينافي أن صلاة السنة في البيت أفضل من صلاتها في المسجد، لكنه لو صلاها في مسجد من المساجد الثلاثة يكون له أجر التفضيل الخاص بها، والمرأة كذلك.
ولهذا؛ فالتهافت المذكور لا داعي له على كل حال، فعلى النساء المسلمات الانتهاء عنه، وبذلك تزول كثير من المفاسد، والله من وراء المقصد.

<<  <   >  >>