ولو أنهم قالوا: يجب على المرأة المتسترة بالجلباب الواجب عليها إذا خشيت أن تصاب بأذى من بعض الفساق لإسفارها عن وجهها: أنه يجب عليها في هذه الحالة أن تستره دفعًا للأذى والفتنة؛ لكان له وجه في فقه الكتاب والسنة، بل يقال: إنه يجب عليها أن لا تخرج من دارها إذا خشيت أن يخلع الجلباب من رأسها من قبل بعض المتسلطين الأشرار المدعمين من رئيس لا يحكم بما أنزل الله كما وقع في بعض البلاد العربية منذ بضع سنين مع الأسف الشديد.
أما أن يجعل هذا الواجب شرعًا لازمًا على كل النساء في كل زمان ومكان، وإن لم يكن هناك من يؤذي المتجلببات؛ فكلَّا ثم كلَّا، وصدق الذي قال:{أَمْ لَهُمْ شُرَكَاءُ شَرَعُوا لَهُمْ مِنَ الدِّينِ مَا لَمْ يَأْذَنْ بِهِ اللَّهُ} .
هذه هي أهم أخطاء المخالفين المتشديين التي رأيت أنه لا بد من ذكرها هنا مع الاختصار قدر الاستطاعة؛ لصلتها القوية بالكتاب كما هو ظاهر.
ثم ختمت الرد المفحم بالتذكير بأن التشدد في الدين –مع نهي الشارع الحكيم عنه- لا يأتي بخير، ولا يمكن أن يخرج لنا جيلا من الفتيات المسلمات يحملن الإسلام علمًا وتطبيقًا بتوسط واعتدال، لا إفراط فيه ولا تفريط، لا كما بلغني عن بعض الفتيات الملتزمات في بعض البلاد العربية، أنهن لما سمعن بقوله -صلى الله عليه وسلم:"لا تنتقب المحرمة ولا تلبس القفازين"؛ لم يتجاوبن معه، وقلن: ننتقب ونفدي!! وما كان هذا منهن إلا لما يقرع مسامعهن من التشديد في وجوههن!