للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ص:  >  >>

نعتقد، فكيف يجوز القول بكتمانه، وترك تعريف الناس به؟! اللهم غُفرًا.

نعم؛ من كان يرى أنه مع ذلك لا يجوز العمل به سدًّا للذريعة، فعليه هو بدوره أن يبين ذلك الذي يراه للناس ولا يكتمه، ويأتي بالأدلة التي تؤيد رأيه، وهيهات هيهات! فهذا رسول الله -صلى الله عليه وسلم- يرى الفضل بن العباس رضي الله عنه يلتفت إلى المرأة الخثعمية، وكانت امرأة حسناء ينظر إليها، وتنظر إليه، وهي غير محرمة –كما سأبينه- ثم لا يكون منه عليه الصلاة والسلام أكثر من أن يصرف وجه الفضل عنها، ولا يأمرها أن تستر وجهها عنه، فأي ذريعة ووسيلة أوضح من هذه، وهو -صلى الله عليه وسلم- القائل بهذه المناسبة: "رأيت شابًّا وشابة، فلم آمن الشيطان عليهما" ١.

فهذا الحديث الصحيح، يقرر أن كشف المرأة عن وجهها –ولو كانت جميلة- حق لها، إن شاءت أن تأخذ به فعلت، وليس لأحد أن يمنعها من ذلك، بزعم خشية الافتنان بها، فمثل هذا الحديث منعنا من أن نقول برأي الفريق المذكور، وأوجب علينا إشاعة الرأي الصواب في المسألة.

على أنه لم يفتنا أن نلفت نظر النساء المؤمنات إلى أن كشف الوجه وإن كان جائزًا، فستره أفضل، وقد عقدنا لذلك فصلًا خاصًّا في الكتاب "الصفحة ١٠٤".

وبذلك أدينا الأمانة العلمية حق الأداء، فبينا ما يجب على المرأة، وما يحسن بها، فمن التزم الواجب فبها ونعمت، ومن أخذ بالأحسن فهو أفضل.


١ راجع ص ٦٢.

<<  <   >  >>