الله ليست إلا تفسيرا حقيقيا لمعاني القرآن الكريم، وشرحا لمراد الله من ألفاظه وآياته، ويقول بكل صراحة: أن تسميتها إشارة ليس إلا من قبيل التقية والمداراة لعلماء الرسوم أهل الظاهر.. وفي هذه المقالة يحمل حملة شعواء على أهل الرسوم- على حد تعبيره- الذين ينكرون عليه وعلى غيره من الصوفية هذا المسلك في التفسير. وإليك ما قاله بالنص، لتقف على رأيه الصريح الذي لا لبس فيه ولا خفاء.
مقالة ابن عربي في التفسير الإشاري:
قال رحمه الله: "اعلم أن الله عز وجل لما خلق الخلق، خلق الإنسان أطوارا، فمنا العالم والجاهل، ومنا المنصف والمعاند، ومنا القاهر ومنا المقهور، ومنا الحاكم ومنا المحكوم، ومنا المتحكم ومنا المتحكم فيه، ومنا الرئيس ومنا المرءوس، ومنا الأمير ومنا المأمور، ومنا الملك ومنا السوقة، ومنا الحاسد ومنا المحسود، وما خلق الله أشق ولا أشد من علماء الرسوم على أهل الله المختصين بخدمته.. العارفين به من طريق الوهب الإلهي الذي منحهم أسراره في خلقه، وفهمهم معاني كتابه، وإشارات خطابه فهم لهذه الطائفة مثل الفراعنة للرسل عليهم السلام، لما كان الأمر في الوجود الواقع على ما سبق به العلم القديم- كما ذكرنا- عدل أصحابنا إلى الإشارات، فكلامهم- رضي الله عنهم- في شرح كتابه العزيز الذي لا يأتيه الباطل من بين يديه ولا من خلفه إشارات وإن كان ذلك حقيقة وتفسيرا لمعانيه النافعة، ورد ذلك كله إلى نفوسهم مع تقديرهم إياه في العموم وفيما نزل فيه، كما يعلمه أهل اللسان الذين نزل الكتاب بلسانهم، فعم به- سبحانه- عندهم الوجهين كما قال:{سَنُرِيهِمْ آيَاتِنَا فِي الْآفَاقِ وَفِي أَنْفُسِهِمْ} ، يعني الآيات المنزلة في الآفاق وفي أنفسهم، فكل آية منزلة لها وجهان: