للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

كان يعتقد أن له خالقاً) إنما هي مما يهمه هو نفسه، ولكن عندما تصبح مثل هذه الأمور وجهة نظر ومصدراً للدعاوة في النقد الأدبي فإنها تستدعي المناقشة. حقاً إن اليوت لم يشأ أن يتحدث عن تحوله كتابةً ولكن هناك ملمحاً من العسر، لا يخفى في شعره الأخير، بل يتضح في تصريحات محنقة متبرمة تشير بكل وضوح إلى الذات، كذلك الذي قاله في تحول هوبكنز: " إذا حول المرء مذهبه، في أي حال، فقد يمكنه ذلك التحول من أن يستمتع بأماني الخلاص الذاتي، ولكنه لن يمنحه، إن كان أديباً، ما عجزت عن منحه له أرومته ووطنه طوال عدة أجيال ". ومنذ عهد مبكر (١٩٢٧) أظهر فرنسيس فرغسون في " مجلة القافلة الأميركية " The American Caravan بعض المتناقضات في طبيعة اليوت، وهي: " فردية رومانتيكية في الأخلاق، ونظام صارم في الفن؟ إيمان عاطفي يساويه غنوصية (١) عاطفية؟ فهم عميق للخلق الفني، وعجز عن الهرب من الذاتي في شعره ":

كذلك وصف ر. ب. بلاكمور المتناقضات بين طبيعة اليوت وتحوله المذهبي، وعندما تحدث عن عقل اليوت قال: " إنه آخر عقل كان يتوقع له المرء في هذا القرن أن يدخل الكنيسة، في زي غير كهنوتي، ذلك لأن دنيوية أدواته النثرية، واطمئنان موقفه، وألمعيته ولماحيته للحقيقة الأخاذة، وموهبته على أن " يستنزلها وهي طائرة "، تكاد لا تتمشى أبداً مع ما نسميه اليوم " الشعور الديني الإنجليزي الأميركي ".

ولقد قاده تحوله إلى موقف غريب. فليس هو مثل رانسوم الذي يقر بأن ما اجتذبه إنما هو الشعائر في الدين بل إنه مثل هيوم Hulmo من قبله منجذب إلى العقيدة، أي إلى الرغبة في صلواتها، وهو يراها


(١) الغنوصية توقف عن الجزم بأن هناك إلهاً أو بعثاً.

<<  <  ج: ص:  >  >>