التفصيل فيما يلي. غير أن مما يستحق التنويه هنا أنهذا الكتاب يمثل خير توازن حققه في الطريقة المتصلة بالسيرة، وفي إفادته من الكشوف النفسية والاجتماعية لتعميق " قوة الحدس في الذات " دون أن يغرق في أي واحد من هذه الأمور إغراقاً يخرجه عن حومة السيرة إلى حدود العلم أو ما يشبهه. فهذا الكتاب، في إحدى نواحيه، نقد " بيوغرافي " مباشر، ومن ناحية أخرى دراسة اجتماعية عرض فيها توين في ظل بيئة اجتماعية جائرة. وهو أيضاً، من ناحية ثالثة دراسة نفسية يجربها " هاوٍ " لا عالم، وفيها يستمد بروكس أفكاراً من فرويد مثل الكبت والتسامي وانعكاس الذات، وتقنيات التحليل الحلمي، ونظرية وظيفة الفكاهة، ويستمد من أدلر مصطلحات مثل " الاستعلاء المذكر " ويستمد من سائر النفسيين كل ما يستطيع التقاطه.
٩ -؟ وفي سنة ١٩١٤ ظهر بالفرنسية كتاب عنوانه " هنري ثورو؟ المتوحش " H. Thoreau؟ Sauvage من تأليف ليون بازالجيت ولم يترجم إلى الإنجليزية ويطبع في أميركة قبل سنة ١٩٢٤، ولكن بروكس قرأه فيما بين هاتين السنتين، فخلبته؟ فيما يبدو؟ طريقته التي تعتمد استعمال تعبيرات الأديب نفسه لإبراز أفكاره دون إشارة اقتباس، أو أي دلالة على الموطن الذي منه اقتبست. وقد كانت هذه الطريقة محض تشويه حتى حين طبقت على أديب مثل ثورو، يعد كل ما كتبه؟ إلا قليلاً؟ سيرة ذاتية مباشرة. فلما طبقهابروكس في كتابه " حج هنري جيمس " The Pilgrimage of H. James الذي ظهر عام ١٩٢٥، لم ينتج عنها إلا " مرقعة " تامة. وتمخضت الطريقة عن سلسلة من المونولوجات الداخلية، تتدرج في سلم الإيذاء والإغاظة، ونحيل عقل جيمس الفذ إلى مستوى أشد شخصياته سذاجة، حتى تبلغ ذروتها في فصل عنوانه " مذبح الموتى " حيث تصل مستوى من السوقية يعز تصديقه، مستوى يظهر فيه جيمس عجوزاً سائلة الذنان (١) تشكو وحشتها