عندما أصدرنا القسم الأول من هذا الكتاب القيم قبل عام وبعض العام، لم نكن نتوقع له هذا الترحاب الذي قوبل به. إذ أوشكت طبعته الأولى على النفاد بعد أن أصبح عمدة النقاد وأساتذة الأدب والطلاب في معظم الأقطار العربية. وها نحن اليوم نقدم القسم الثاني والأخير منه، راجين أن يسد ثغرة في المكتبة العربية، بعد أن لمسنا حاجة الدارسين إلى الكتب النقدية الجادة.
لقد أخذ علينا بعض الزملاء غموض العبارة في بعض المواضع، وليتهم قبل أن يحاسبونا على ذلك، أن يرجعوا إلى الأصل ليشهدوا بأنفسهم ما فيه من تركيز وحشد، غير مألوفين في الكتب العربية. ولا عجب في ذلك فالمؤلف يكتب لفئة خاصة من القراء، يفترض أنها على مستوى عال من الثقافة الأدبية والإنسانية. أما قراؤنا، فالقلة منهم هي التي تمتلك ناحية هذه الثقافة أو بعضها، والكثرة ما تزال تعيش على أوليات الدراسات النقدية. ولم تكن هذه الحقيقة لتصرفنا عن الإقدام على ترجمة هذا الكتاب، فنحن نعيش اليوم في مرحلة بناء اجتماعي، الأدب ركن هام من أركانها، وعلينا أن نسهم فيها، كل بما توفر له من إمكانات.
أن الكتابة النقدية صعبة عسيرة في ذاتها. وطريقة المؤلف في هذا الكتاب تمتاز عن غيرها من طرائق المؤلفين بالتركيز والشمول والإسراف