والنقد الأدبي المتصل بالسيرة عند سنت بيف والنقد الأدبي المتصل بالاجتماع عند تين. ويمثل سنت بيف النقطة التي انقسم عندها كل الموروث السابق قسمين: فمن ناحية كان سنت بيف يرى النقد علماً اجتماعياً أي يراه " التاريخ الطبيعي للأدب " مع معالجة منهجية يدرس بها المؤلف، أو كما يقول مك كلنتوك في كتابه " النظرية النقدية عند سنت بيف " Sainte؟ Beuve " s Critical Theory: " أن يدرس المؤلف من حيث علاقته بجنسه ووطنه وعصره وأسرته وثقافته وبيئته الأولى وأصحابه الأدنين ونجاحه الأول وأول لحظة بدأ عندها يتحطم، وخصائص جسمه وعقله وبخاصة نواحي ضعفه " وكثير غير ذلك. وهذا هو المنهج الذي يستمر على يد تين وبراندز وبرونتيير. ومن ناحية أخرى يلح سنت بيف في نقده لتين فيما عنوانه " تين وكتابه تاريخ الأدب الإنجليزي " على أن الناقد يجب أن " يستمر على احترام واستنشاق أريج تلك الزهرة الرزينة ذات العطر الناعم، يعني ذلك النوع من الشعر الذي أنتجه بوب وبوالو وفونتان " وهذا هو النهج الذي سار فيه آرنولد وبابت واليوت وهم مدينون له على السواء. ويرى سنت بيف أن الناقد الكامل هو الذي يستطيع الجمع بين هاتين المدرستين، غير أنه يسلم بأن الأمل في التوفيق بينهما عند شخص واحد إنما هو محال أو حلم.
ويقرّ تين نفسه بأن الخيال التاريخي عند لسنج وميشليه كان بعض الأنوار التي اهتدى بها. غير أن من يقرأ كتاب ميشليه " تاريخ فرنسة " ويطلع على بعض تحليلاته الأدبية العارضة، وبعضها استشفاف لطبيعة الطبقات (كالقول بأن مانون ليسكو تعبير عن أعيان طبقة الملاك الصغار قبل نشوب الثورة) سيحكم بأن التشابه بين هذه التحليلات وما كتبه تين كان شيئاً أبعد من مجرد خيال تاريخي (١) كذلك فإن المعايير الثلاثة الكبرى التي وضعها
(١) يريد أن تين في هذا الموقف كان ناقلاً أو محتذياً لا مستلهماً فحسب.