للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

إلى تداعي الأفكار عنده وأخيراً على الروابط العامة، التي توضحها اقتباساتها من التوراة، بين هبوب الريح وانتعاش الروح الإنسانية. ثم تمضي الآنسة بودكين لتلقي نظرة على ذروة القصيدة أي حين يتحدث الشاعر عن بركات الأفعاي وما نتج عنها، وتعلق هذا بالأسطورة الأنموذجية التي عند يونج وهي " الرحلة الليلية تحت ماء البحر " كما تصورها قصته " ذي النون " (١) وهي أساس شعيرة الولادة الجديدة وتدور حول فكرة الخطيئة والتكفير. وهنا تشمل طريقتها أيضاً مرة أخرى خواطرها المتداعية وأحلامها، وما كشفه لويس Lowes من مصادر كولردج، وتحليل بدوران لصور مماثلة عند فرهايرن، كما تشمل المأزق الذي وقع فيه هملت، ونماذج أخرى من " الجواب الذي يلاحقه شبح الخطيئة " مثل قابيل واليهودي التائه، والمشكلة العامة التي تتمثل في تشهي الموت والعودة إلى ارحم، كما تنعكس في الأحلام والشعر ونظرية التحليل النفسي. وحين ينتهي بها المطاف يكون عملها غير قاصر على استغلال القصيدة لوضح بها الأنموذج الأعلى، بل هي قد جعلت الأنموذج يلقي أضواءه على القصيدة وأثرها، ويضعها في مصاف الشعر العظيم، ويعلي من درجة المتعة فيها، ويبعثها حيةً فيها إلى درجة كبيرة.

ويعمل نهجها المقارن على نحو مشابه ففي الفصل الذي عقدته للحديث عن الصورة الأنموذجية العليا للمرأة وقفت عند ربة الشعر الأم في " الفردوس المفقود " وربطت بينها وبين الربات؟ الأمهات عند هوميرس، ووجدت في هذه هؤلاء ما ينطبق على الزوجة؟ الأم؟ التي تنوح على تموز وغيره من الآلهة الذبيحة التي ترمز إلى الخصب والنماء. ثم نتناول التوازن الغامض الذي يخلق حواء عند ملتن من شخصية بيرسيفوني رمز الشباب الذي قدرت


(١) قد اكتنفتني مياه إلى النفس، أحاط بي غمر، التف عشب البحر برأسي، نزلت إلى أسافل الجبال، مغاليق الأرض علي إلى الأبد (يونان ٢: ٥ - ٦) .

<<  <  ج: ص:  >  >>