للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

وربما تلا هذه الأهمية تعليقات محددة لفرويد على طبيعة الفن والفنان. ومقالاته الأولى في هذه الناحية تشمل (١) علاقة الشاعر بأحلام اليقظة (٢) بحوث في سيكولوجية الحب (٣) نظريات حول القاعدتين في وظيفة العقل. بل إن المحاضرة الثالثة والعشرين من كتابه " مقدمة عامة في التحليل النفسي "، وهي ليست من أولى بحوثه وإنما تعود في تاريخها إلى سنة ٩٢٠، لا تزال تعالج الفنان على أنه طفولي مريض في أعصابه، كما وقدمنا. أما أبحاثه المتأخرة وبخاصة في " محاضرات تقديمية جديدة " و " ما فوق مبدأ اللذة " فإنها تنحو إلى أن تتجاوز النظريات الأولى فترى في الفنان مريضاً في أعصابه، له فنه، الذي يستطيع أن يفهم من خلاله الحقيقة ويغيرها. وقد أنكر فرويد في خطاب ألقاه في الاحتفال بعيده السبعيني أنه صاحب الفضل في الكشف عن العقل الباطن وقال إن الفضل الصحيح يعود للأدباء.

وآخر بابةٍ فيما أسداه فرويد للنقد الأدبي المتصل بالتحليل النفسي هي أحاديثه المحددة عن فنانين بأعيانهم وآثار فنية بأعيانها. وهذه الأحاديث متناثرة في مؤلفاته على شكل تعاليق موجزة، بعضها مشمول بسعة الإدراك كذكره هاملت في " تفسير الأحلام " (١) (وعليه بنى جونز دراسته) وتحليله الملك لير، وحديثه عن التراجيديا اليونانية في " الطوطم والمحرم " (٢) ولم يكتب إلا ثلاث دراسات طويلة وهي (١) ليوناردو دا فنشي؟ دارسة نفسية جنسية لذكريات طفولية (٢) ومقالة عن " دوستويفسكي وجريمة قتل الأب " و (٣) دراسة لقصة ألمانية مغمورة عنوانها غراديفا Gradiva، ومرلفها فلهلم ينسن W. Jensen وبهذه الدراسات الثلاث أقام فرويد منهجين من التحليل، اقتفى ابتاعه فيهما خطواته: الأول الباثوغرافيا أو دراسة المريض عصبياً، أو الشخص المريض نفسياً، مع اتخاذ آثاره


(١) راجع ما قاله عن هاملت في كتابه " تفسير الأحلام ": ٢٦٤ وما بعدها (ط. هوغارث بلندن) .
(٢) انظر حديثه عن التراجيديا اليونانية في كتاب " الطوطم والمحرم ": ١٥٥ (ط. هوغارث بلندن) .

<<  <  ج: ص:  >  >>