للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

لأحد بني وطنه، أعني المحلل النفسي الفرنسي رينيه لافورج فإن كتابه " هزيمة بودلير " The Defeat of Baudelaire محض باثوغرافيا، عنوانها الفرعي " دراسة نفسية تحليلية للمرض العصبي عند شارل بودلير ". وهو يصرح بغايته فيه على الصفحة الأولى فيقول:

ليس من همي أن أقدر مكانة بودلير في الأدب ولست أرغب في الأخذ بتحليل فنه، إذ ليس بودلير لدي إلا إنساناً، أعني إنساناً مريضاً، ضحيةً للحياة، بين آخرين كثيرين مثله، فهو صورة لحشد جم ممن يسيء الناس فهمهم. وليس لدي إلا سبب واحد للحديث عنه قبل أن أتحدث عن غيره، وما ذلك إلا لأني؟ وشكراً لفنه؟ أجد مدخلاً لدراسته، واراه من خلال ذلك الفن لا يعز على الفهم.

ولم يخف لافورج أنه لا يرى في قصائد بودلير ويومياته مقيداته وفي السيرة التي كتبها بورشيه شيئاً سوى مقيدات اكلينكية فوجد أن بودلير كان مصاباً بعقدة أوديب، وعقدة ماسوشية مع أخيلة الضرب بالسوط، وجلد عميرة، وبشذوذ جنسي كمين، ونقص في عضو التناسل، وربما كان مصاباً بالعنة وبالتهيج عن طريق النظر إلى الأوضاع الجنسية (والأخيرة مبنية على تجربة في الطفولة، حدسية إطلاقاً) . ويرى لافورج، وهو يؤد دائماً أن غاياته من تأليف الكتاب تشمل تحذير رجال التعليم من أن يخوفوا الأطفال، وتحسين معاملة المجرمين. ويرى أن الفنان مريض " متميز " يستطيع أن يخلق فناً، وما الشكل الشعري إلا وسيلة تخفي المرض العصبي عند الشاعر حتى يعز كشفه إلا على الاكلينكيين، وفي هذا القدر من الحديث عن الكتاب كفاية، في معرض الكلام عن النقد الأدبي.

ولا نستطيع هنا أن نقف إلا على مثلين آخرين من بين العدد الوفير من الدراسات الأدبية التي قام بها أطباء يعملون في حقل التحليل

<<  <  ج: ص:  >  >>