للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

فرويد ويونج مفضلاً عليهما النظريات النفسية لرفرز، متكئاً على انفصال الروباط في الشخصيات اللاشعورية، والتجارب الصادمة (١) ؛ وربما لأنه حاول أن يربط أحسن الشعر بأحسن أنواع الصراع الذاتي اللاشعوري، وربما؟ وهذا أقرب الاحتمالات؟ لأنه جمع بين الجهل والسلاطة إلى ردجة مدهشة، أقول؟ ربما لكل ذلك كانت نتائجه بشعة ولعلها هي التي خذلت الجهود الإنجليزية بعده عن الضرب في هذا السبيل. (إن التطبيق الوحيد لمبادئ التحليل النفسي على أحد الآثار الفنية؟ التطبيق الذي نجح نجاحاً كاملاً على يد ناقد إنجليزي؟ هو مقال وليم امبسون عن " أليس في بلاد العجائب " وسيكون موضوع حديثنا في الفصل المخصص لامبسون) .

ويمثل هربرت ريد الإنجليزي موقفاً خاصاً محيراً فلم يكتب أحد بمثل حماسته عن أهميته التحليل النفسي، بل أهمية كل العلوم النفسية، في الحقيقة، للأدب والنقد الأدبي. فهو يقول إن على الناقد أن يلتقط من السيكولوجيا وبخاصة التحليل النفسي " ألمع أسلحته "، وإن الناقد قد يسأل في بعض المجالات أسئلة لا يجيب عليها إلا علم النفس، وإن علم النفس قد استطاع أخيراً أن يفسر خفايا علم الجمال مثل مبدأ التطهير، وما أشبه. وقد كتب ريد في مقال له عنوانه " التحليل النفسي والنقد "، نشر في كتابه " العقل والرومانتيكية " Reason and Romanticism (ثم وسعه من بعد وسماه " طبيعة النقد " وضمنه كتابه " مقالات مجموعة في النقد الأدبي ".) ؟ كتب حججاً مستقلة مقنعة، غاية في ذلك، في سبيل النقد المعتمد على التحليل النفسي، ونص على الانتقائية والاعتدال، وبين محدودية التحليل النفسي وأخطاره، كما بين إمكانياته الهائلة. غير أن المحير في كل هذا أن ريد لم يطبق إلا


(١) التجارب الصادمة Traumatic experiences هي الناشئة عن حوادث مرعبة مثل صدام قاطرة أو أي أذى مشابه يصيب الجسم ولكنه أيضاً يصيب القوى العقلية فيخل وظائفها ويحدث فيها اضطراباً. وقد أحدثت الحرب الحرب كثيراً من هذه الحالات " الترومائية ".

<<  <  ج: ص:  >  >>