في هذا الموضوع، وأثارته الباثوغرافيا التي كتبها الدكتور روزنتسفايغ عن هنري جيمس هو أن هذا النوع من النقد قد تركز بخاصة، على مشكلة الفن والمرض العصبي، وهي من أقل المشكلات حاجة إلى الاستكشاف في هذه الأيام. ولم يواجه هذه المشكلة الكبرى إلا روبرت جورهام ديفز حين أسهم بمقال له عنوانه " الفن والقلق " عدد الصيف سنة ١٩٤٥، فقد نص فيه على ما يستطيع أن يؤديه التحليل النفسي، لا على ما يعجز عنه. وقد خطط ديفز الاتجاه المرجو على النحو التالي: حلل في بعض التعليقات الموحية قصة رد ردنجهود Red Ridinghood، ودعا إلى تحليل فرويدي ماركسي معاً، غير مبسط وغير ممسوح بالسوقية، ومهد حقلاً للنقد المتصل بالتحليل النفسي، بدرسه كيف يرضي الأثر الفني الحاجات العاطفية اللاشعورية أي دراس نفسية للشكل) .
إن القصور الواضح في التحليل الأدبي الفرويدي التقليدي هو أنه لا تكتب على أساسه إلا دراسة واحدة، فإذا أضفت دراسة أخرى تردد فيها الشيء نفسه. ولقد استطاع إرنست جونز أن يؤدي عملاً جميلاً حين وجد عقدة أوديب كامنة في مسرحية " هاملت " ولكنه لو ذهب يحلل " لير "، أو " حلم منتصف ليلة صيف " أو مقطوعات شكسبير لوجد؟ وربما أدهشه ذلك؟ أنها جميعاً تعكس عقدة أوديب عند شكسبير، ولقام حقاً إن نحن سلمنا له بنظرياته، بالكشف نفسه في أي أثر فني آخر.
هاهنا يتجلى لنا أن الرجاء معقود بكتاب الآنسة بودكين " النماذج العليا في الشعر ". ذلك أنه لم يرتكز على المرض العصبي للفنان، ولا على العقد المستخفية في إنتاجه الفني، ولا على أن الفن تحقيق مقنع لرغبات مكبوتة؛ بل ارتكز على كيف يحدث الأثر الفني الرضى عاطفياً، وأية رابطة تقوم بين مبناه الشكلي والنماذج الأساسية والرموز في نفوسنا، وبذلك قدمت لنا الآنسة بودكين نقداً نفسياً لا تنتهي دروبه ومناظره. لقد