للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

(وإن كان هذا كان مجالاً للتوسعة والإسهاب في المجلد التالي على وجه اليقين) . فمثلاً تتخذ من اتساع صور الحديقة عند شكسبير أساساً تبني عليه أن شكسبير، ولابد، كان له نصيب أساسي في تأليف مسرحية " هنري السادس "، في القسم الأول والثاني والثالث منها، ثم تعلق قائلة: " إن مسرحية " بركليس " وحدها بين المسرحيات الرومانسية، هي التي ليس فيها أي أثر " لدافع " يجري في الصور، أو لاستمرار في التصوير، أو لفكرة في الصور، وهي حقيقة تكفي في ذاتها لتلقي ريبة كثيفة على تأليف هذه المسرحية ". وقد استطاعت أن تقترح عدداً من التخمينات المعقولة المتعلقة بالسيرة عن طريق الصور نفسها؛ من ذلك أن تجربة ذاتية في طاعون ١٦٠٠ قد غيرت في استجابة شكسبير له تغييراً حاداً، فقلبت نظرته من حال استخفاف غير عابئ به، قبل حلوله، إلى حال من الرعب والاشمئزاز بعده. ومن ذلك أنه، وإن كان المعلقون قد استنتجوا من كثرة إشارات شكسبير إلى الصيد أنه شغوف به (حتى وصفه ج. دوفر ولسون " بأنه صياد حاذق ") فإن صور الصيد في مسرحياته تكشف عن نفوره منه، وكراهيته لما فيه من قسوة وسفك دم. بل هي قادرة على أن تؤيد بعض التواريخ من خلال الصور (ولو قدر لها أن تكتب كتابها الثاني لصححت التواريخ ولم تكتف بالتوثيق والتأييد) فهي تلحظ مثلاً أن التشابه الدقيق بين الصور في كل من " هاملت " و " ترويلوس وكريسيدا " سيمكننا من القول، دون تردد، بأنهما ألفتا في فترتين متقاربتين، ولو لم نكن نعرف هذه الحقيقة.

وإلى جانب هذه المشكلات في الدراسة التخصصية الخالصة يسهم كتاب " الصور عند شكسبير " إسهامات متعددة في مجال الفهم والتذوق النقدي. أما الجزء الأول من الكتاب المسمى " الكشف عن شكسبير الإنسان " فإنه من هذا القبيل تماماً؛ أعني متابعة لفكر شكسبير وشخصيته

<<  <  ج: ص:  >  >>