ما فيه من جهود مخلصة، مخيب للآمال باعث على الملل، ذلك لأن سحر الكتب التي خلفها كارول، يتحدى كل تحليل، فالبحث عن مصادرها في تلمسات فرويدية خلال عقد كارول ومكبوتاته أمر لا جدوى فيه، وهو شبيه بمن يحاول أن يجد تفسيراً لطيران الفراشة أو اختيار البرق لهدف منصوب، إن العبقرية لتحيا في خفاء غامض وتلد كنوزاً خالدة على وجه لا يمكن تفسيره أيضاً.
حقاً إن كارول عاش حياة عزوبة نقية، ولكن كثيرون هم الذين يختارون العزوبة اختياراً ويقنعون بنصيبهم من الدنيا على الرغم من الشكوك الفرويدية التي تثبها الآنسة لنون. والحق أيضاً أن كارول كان يحب صحبة الصغيرات أكثر من حبه مرافقة الأولاد أو الكبار؛ وهذا، على أنه حق، فهو مستغرب منه أيضاً، ولكن التوغل الذي جاست به الآنسة لنون خلال نفسيته وخلال الرموز الجنسية في كتبه لم يبلغ بها إلى شيء ... غير أن لويس كارول الذي مرت حياته دون أحداث كان يعيش في عزوبته حياة فارغة ... عاش لويس كارول دون أي نوع من أنواع الصراع الخارجي ولم يصادف إلا أنواعاً قليلة من الصراع الداخلي (أعني تلك الذبذبات الدينية الغامضة) فلم يعرف الحب أو الصداقة المتينة، كان إنساناً طيباً ومسيحياً طيباً وكان يحاول أن يحصل على مرتبه خفضاً ويلح على أن يعقد بينه وبين الناشر عقداً يؤكد فيه أنه هو نفسه يتحمل ما قد يحدث من خسارة؛ إلا أن حياته كانت بليدة عادمة الألوان ".
وتبين هذه المقتبسات أن برسكوت في هجومه على الدراسة النفسية التي قامت بها الآنسة لنون يقدم كل الأسباب التي تجعل الدراسة النفسية أمراً لازماً. وبينا يؤكد أن حياة كارول مرت بلا أحداث، نجده يملأ هذه الحياة بأبرز الأحداث أيضاً. فهو ككثير من المراجعين العاصرين