وقد كتب رتشاردز التعليق القاطع على هذه الصيحة التي أطلقها فإن دورن باسم " القراءة الصامتة " أي استبعاد كل ما يؤثر في الأدب، ما عدا انتباه القارئ فقال في " التفسير في التعليم " Interpretation in Teaching " وأظن أن العلاج لذلك هو النمو الذي لا بد له من أن يتحقق إذا تكررت فرص التجربة بحيث تكفي لتجبر رسوبات عهد المراهقة المتبقية في عالم الحلم الطفل على أن تنسحب إلى مواضعها الطبيعية. غير أن القراءة الصامتة؟ لسوء الحظ؟ ليست وقاية من هذه التجارب إلا إن كانت نوعاً من الحلم منضبطاً بعض الشيء. وكثيراً ما تصبح هذه القراءة مستودعاً تخيلياً للفاعلية الذهنية التي تختفي نسبياً في حال اليقظة الكاملة.
وإلى جانب هذا النقد الحديث، وعلى غرار هؤلاء المراجعين وأعداء النور المتحفزين تقف مذاهب جدلية تتصارع بعنف. وهي مذاهب أهل الآراء الجمالية والفلسفية التي أنعشت المجلات الأدبية في الماضي من: انطباعيين وتعبير وذوي النزعة الإنسانية الجديدة والطبيعيين والكلاسيكيين والرومانتيكيين والوضعيين واللاوضعيين وغيرهم. ويبدو أنه قد خلفهم في هذا الصراع الأرسطوطاليسيون الجدد والافلاطونيون المحدثون والكولردجيون المحدثون الذين يخوضون معركة في غير معترك. ولكل من هذه المذاهب والمجادلات مهمتهما، ولكن يبدو أنها مهمات قاصرة على الجدل حول عموميات كبرى متجافية عن الخوض في شأن الطريقة الحقة إلا قليلاً. وما هذه المذاهب؟ بوجه أو بآخر؟ إلا مسارب معاصرة مغلقة عمياء لا يهتدي فيها من يهمه التحليل الأدبي على وجه الحقيقة. وبينا تتطاير الحجارة المقذوفة فوق الرءوس يقبع الناقد الحديث الجاد في منجمه ويحفر منقباً، وقد تعلق الأتربة بيديه، ولكنه قد يكشف عن معدن كريم، بين الحين والحين.