ومع ذلك فإن موضوعيتها الدراسية لم تنتقض حيويتها بهذا الانهماك في التصوف، وقد يقال في هذا الميل إنه نزوة من النزوات التي ينزع النقاد إلى أن يعكفوا عليها كغيرهم من بني الإنسان؛ ولكثير من النقاد نزوات تجري في آثارهم، دون أن يؤذيها مثل ثورة بيرك على التقنولوجيا، دون أن يؤثر في طابعها تأثيراً أساسياً. وآخرون مثل ت. س. اليوت ينحرف عملهم انحرافاً كاملاً على هوى ما ينهمكون فيه ولكن ذلك لا يحطم قيمته أو سداده. وبعضهم مثل مود بودكين وجون مدلتون مري يتخلون عن منهجهم النقدي الذي منحهم التميز لينغمسوا في نزواتهم، وآخرون تخلوا عن النقد إطلاقاً ليرعوا الدواء الشافي كما فعل رتشاردز في " الإنجليزية الأساسية " Basic English. وأكثر الحالات تطرفاً وإثارة للعبرة، في ناقد ركب هواه، وكان هوىً غريباً، هي حال ج. ولسن نايت:
كانت آثار نايت معماة بالتصوف منذ البدء، فأول كتبه كراسة عنوانها " الأسطورة والمعجزة " Myth and Miracle يستكشف " الصفة الروحية " في مسرحيات شيكسبير الأخيرة. أما كتبه التالية فقد نشرت تباعاً في مجلات مثل The Occult Review و the Quest، وبعد ذلك انهمك في تواليفه " بالأخلاق المسيحية " و " طبيعية " برغسون و " تقدس " الجنرال سمطس و " حيوية " د. هـ؟. لورنس وأضافها جميعاً إلى الخميرة الأصلية. والتقت صوفيته أثر الحرب فانتجا في كتابين له صدرا أيام الحرب أغرب نوع من النقد؟ أو من اللانقد؟ يخطه قلم أبداً. أما الأول الذي صدر عام ١٩٤٢ بعنوان " مركب الغضب: رسالة جون ملتن إلى الديموقراطية المحاربة " Chariot of Wrath فيمثل ملتن ملكياً محافظاً طوال عمره، عدواً لدوداً لكرمول الطاغية (أي صورة هتلر امعاصر) مدافعاً عن الملكية الدستورية في القرن العشرين، متنبئاً تكهن برجال الطابور الخامس حين صور دليلة، وبالحرب الجوية في المعركة بين الملائكة