لما كان ذلك إلا جيمس أو بلاكمور، وتكون القيم في الفن - حسب رأيهما - على ضربين: في أن الفن يعبر عن القيم وفي أن الفن هو نفسه تلك القيم. وجاءت مع هذا التقديس للفن نزعة جديدة نحو الفن تكاد تكون صوفية، أعني أن كل ما يقوله كتاب من الكتب الأدبية يصبح لدى بلاكمور حرفياً، حدث كل ما فيه من أحداث، فالتقى فيه فلان بفلان على التحقيق، أي تصبح للكتاب حياة مستقلة وإرادة ذاتية، وهو يتحدث عن هذا الكتاب أو عن تلك القصيدة كأنما يتحدث عن شيء دبت فيه الحياة وأصبح له كيان ووجود.
وصاحب هذا الإيمان إيمان آخر بالثلاثيات بعد المزدوجات الثنائية؛ كان بلاكمور من قبل يكثر من ذكر الثنائيات كأن يقول:" رأيي في هذا الأثر الفني مزدوج ثنائي؛ (٠فائدة هذا النوع من الإقبال على الدراسة مزدوجة " فلما كتب عن دستويفسكي تحولت المزدوجات إلى ثلاثيات: ففي الصفحة الأولى من مقاله عن " الأبله " تجده يقول: " في هذا الكتاب الكامل إذن مسرحية ثنائية لا بل ثلاثية، ثم يختم مقاله بالحديث عن الكتاب في مناسيب ثلاثة: العقلي والسردي والتخيلي. وفي الفقرة الأولى من مقاله عن " الجريمة والعقاب " يعلن أن للقصة " ثلاثة أنواع من المغزى " ولابد للقارئ من أن يعيد بناء الثلاثة من طريق التحليل. ثم هو يلمح في مراجعته عن ولاس ستيفنز أن لدى ستيفنز ثالوثاً يتمثل في اتخاذ ثلاث مراحل، وفي احتواء كل دورة من شعره على ثلاثة أبيات ولذلك يقول:
الثالوث هو الشكل الوحيد المقبول من الوحدة. وأنا اعتقد أن ضروب المهارة في الخيال، التي بها تدخل الأفكار والأستبصارات والأعمال في نطاق الشعر، فإنها تؤتي خير ثمراتها إذا اختارت موضوعاً أو فكرة مثلثة. ذلك لأن التثنية