للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

ويقارن بينه وبين الأنموذج الاضحوي المشرقي عند فريزر، وهو يلائم الاشتراكية أكثر، أعني الإنسان الذي يشارك الطبيعة في الطهر والبراءة. ويبدو أيضاً أن " بعض صور من الأدب الرعوي " متأثرا كثيراً بمدرسة كمبردج أي بجماعة المشتغلين بالانثروبولوجيا من دراسي الكلاسيكيات (تأثير معقول في رجل كان يوماً منتسباً إلى كمبردج) مع أن الكتاب الوحيد الذي يتحدث عنه امبسون على التعيين من كتبهم هو " من الدين إلى الفلسفة " لكورنفورد. يضاف إلى هذه القاعدة المنظمة لنقده - وهي تشتمل علم النفس والاجتماع والانثروبولوجيا واللغويات - استمداده من رصيد هائل من معارف عويصة نسبياً وتمتد من ميدان الطبيعيات الذرية إلى الفلسفة واللاهوت من اجل المجازات والأمثلة.

ولا يرتكز هذا الكتاب حول شيكسبير كما هو واضح في حال الكتاب السابق، ولكن شيكسبير يظل خير مجال تنجح فيه طريقة إمبسون؛ فهو يلحظ أنواع الغموض، ويقترح أن شيكسبير أبي أن يحسم بين المعاني الممكنة عامداً، ويستكشف الحبكة المزدوجة في رواية " ترويلوس وكريسيدا "، وفي القسم الأول من " هنري الرابع "، ويحلل بتطويل كثير سوناتة لشيكسبير، وأخيراً يسلط الروايات والسوناتات بعضها على بعض ليفيد من أضوائها الموضحة بالتبادل. ولعل واسطة عقد الكتاب هي تحليله للسوناتة رقم ٩٤ " أولئك الذين لديهم القدرة على الأذى ثم لا يفعلون " وهي خير عرض للقراءة الدقيقة التي يؤثرها إمبسون، سطراً سطراً. ويعلن في الفقرة الأولى من هذا التحليل، ساخراً، أن السوناتة تهيء " ٤٠٩٦ حركة من حركات الفكر مع إمكانات أخرى " وإنه فحسب يستطيع ان ينظر في عدد قليل من المعاني الممكنة التي تبدو هامة. ثم يتقدم لقراءة القصيدة قراءة جد مسهبة لم تنلها قبلها قصيدة غنائية، فيما أقدره، ناثراً لما فيها من نزعات، مستكشفاً صلتها بأفكار بالغة

<<  <  ج: ص:  >  >>