للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

لأنها لطفت بإطلاع بروتنيير الواسع، وإحساسه المرهف، وذوقه السليم، وإدراكه ان تعميماته، في الجملة، مجازية لا علمية. وحين يعرف برونتيير " الكلاسيكي " مثلا بأنه ذلك النوع من الأدب الذي يتم وجوده حين تنضج في وقت معاً لغة شعب وشكل أدبه واستقلاله الأدبي وحين يؤكد أن النثر الأدبي قد يكون " كلاسيكياً " ومع ذلك يظل هزيلاً غير أصيل - حينئذ يكون برونتيير منهمكاً في نقد نوعي مضاد لنقد امبسون. فبينا يخلق إمبسون " نوعاً " بانتزاعه نزعة ثابتة أصيلة من أشكال قد كيفها التاريخ، يعرف برونتيير " النوع " بأنه شكل نهائي لا يتطور إلا تحت شروط تاريخية ثابتة أصيلة. وكلا الرأيين تاريخيان دينامييان ولكن رأى برونتيير يتميز بأنه لاحق بنظرية التطور الغائية وليدة القرن التاسع عشر وأنه يرى في النوع عضوانية مصمتة تغير من شكلها كلما طورت حولها مستتبعات قوية. أما رأي إمبسون فانه وليد القرن العشرين وقد غابت عنه الغائية واصبح النوع يتغير فيه بتغير الشكل، ولا غاية فيه وراء ذلك. وإمبسون لا يستطيع ان يرضي تماماً إلا الفكر الحديث ولكنا من صميم أفئدتنا نستحسن " جنات " برونتيير المحبوبة المنظمة بينا نحن ننكرها عليه ولا نرضى بها.

فإذا تجاوزنا إمبسون والأثر الصغير المستمد من كتابيه وجدنا ان كل النقد النوعي المعاصر - تقريباً - استعمل النوع ليتحاشى التحليل، أي هو نوع من إلقاء الشيء في زاوية الإهمال. وهذا النقد النوعي في أردأ أحواله يشمل المراجعات السهلة، والاستعمال الآلي الأجوف لكلمات مثل " رومانتيكي " و " كلاسيكي " و " واقعي " و " رمزي " وهو في خير أحواله أو، على الأقل، في وضعه المحترم، موروث غريب فيما كان لولاه تاريخاً أدبياً قيماً يمكن ان نسميه " العناوين الرفيعة " ويبدو أن هذا قد ابتدأه براندز بكتابه " التيارات الرئيسية في أدب القرن

<<  <  ج: ص:  >  >>