للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

ثلاثة ميادين هي: النحو والبلاغة والرمز وأنا أرى إن النقد الحديث ربما لم يستطع ان يقدم شيئاً جديداً حياً لدارس الأدب إلا في الميدان الثالث ". بيد أن هذا القول غير صحيح - وأن استغل معنى الحيوية في عبارته هذه - ويشهد كتابه على عدم صحته، ولكن مهما يكن من شيء فهو يشير إلى الجدة المدهشة التي تبدت في دراساته للعمل الرمزي حتى أن من يقرؤه لأول مرة يحس إحساس من استكشف أرضاً جديدة لم يكن رآها من قبل خلف منزله.

وأول كتاب نقدي أصدره بيرك سنة ١٩٣١، عنوانه " مقولة مضادة " Counter Statement وفيه وضع أكثر المبادئ والاتجاهات التي طورها من بعد وسماها " مضادة " لأنها كانت حينئذ (وما تزال) تمثل رأي الأقلية. وهذا الكتاب مجموعة من المقالات: بعضها مما نشره في المجلات ثم أعاد فيه النظر، وهي بعامة تتناول مشكلات أدبية عامة وتشتمل المنهج السياسي المتضمن في مبادئه النقدية، وتدور حول أدباء بأعيانهم وهم فلوبير وباتر ودي غورمونت ومان وجيد. ولا يزال مبدأ " العمل الرمزي " فيها في بدايته إلا أن بيرك دائم التلميح غليه كأن يقول: أن اهتمام جيد بالشذوذ الجنسي جعله من السياسيين الأحرار لأنه درب لديه إحساسه بالمفارقة والتفرد. أما غورمونت فان مجاوزته الحد فيما يكتب غنما نجمت عن عزلته وكونه مصاباً بالجذام. ويقول أيضاً: أن كاتب السيرة يستقطب مشكلاته الذاتية حين يختار أن يكتب عن نابوليون، وهلم جرا. كذلك فان بيرك يلمح إلى بعض الطرق والوسائل التي سيطورها من بعد في دراسة العمل الرمزي ومن أبرز تلك الطريق جمع الصور في قرائنها، كأن يلحظ كيف تعبر كلمة " المستقبل " عند شيكسبير عن نذر الشر - أي توحي بقرائن سيئة - بينا هي توحي بالثقة عند براوننج، وكيف تكون كلمة " العفريت " عند كيتس موحية بالغلبة والسيطرة بينا هي عند

<<  <  ج: ص:  >  >>