التقاعس والتراجع، ذلك أن الفنان يعود فجأة فيراجع ذكريات شبابه لان هذه الذكريات تجمع في ذاتها عنصري الألفة والغرابة، وربما كانت لحظات هذه الولادة موجودة عند كل إنسان، فهي زاوية جديدة من الرؤى ينجلي لديه فيها ما كان منسياً ويصبح مفيداً ملائماً ومن ثم يعود فيحيا في ذاكرته. ومن ثم ارى أن الولادة الجديدة والنظر من خلال التباين أمران مترادفان لأنهما يمثلان عملية من التحول أو الانبعاث ".
وفي كتاب " الثبات والتغير " أيضاً قسط واف من البحث الأدبي العام أما الإشارات الأدبية الخاصة فإنها تكاد تكون عارضة، لا ترد إلا للتمثيل أو المقايسة، ولا يدور حولها بحث مستفيض. فمثلا يشير بيرك إشارة عارضة إلى رمز الجبل عند نيتشه في " الجبل السحري "، ويلمع إلماعاً إلى بعض ما يستخدمه شيكسبير من وسائل أسلوبية، وإلى أن همنغواي يعمد عمداً إلى وصف العرف بأسلوب جين أوستن الرقيق المرهف ويشير أيضاً إلى عدم جدوى التعاويذ والرقى التي يطلقها كل من سويفت ونيتشه ليطردا " العفاريت " التي تسيطر على نفسيهما، ويلمح إلى موضوع " الهوة الفاغرة " الذي يتردد عند كل من اليوت وملتن وهارت كرين وينبه إلى سعي لورنس لإقامة " البناء الكوني الأخلاقي ". ولا يقتبس بيرك شيئاً من نثر أو شعر اللهم إلا اقتباساً من قصة عنوانها " الأصحاب " من تأليف أدوين سيفر ومن عجب انه يقف عند هذه القصة الاجتماعية ويناقشها في شيء من الإسهاب.
وحسبنا هذا التعريف بالكتاب الثاني. أما الكتاب الثالث فعنوانه " نزعات نحو التاريخ " Attitudes Towards History - وقد نشر عام ١٩٣٧ وهو احفل كتبه بمصطلح العمل الرمزي وسنتحدث عنه فيما يلي بشيء من الإسهاب. ويليه من حيث الزمن كتاب رابع عنوانه " فلسفة الشكل الأدبي " The Philosophy of Literary Form وقد ظهر في عام