للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

تستطيع فيه أن تتبادل فيما بينها أو تتجمع مترابطة "، حسبما تتمثل فيما يقال عن الدوافع الإنسانية وبخاصة في مجالات المبادئ " اللاهوتية والميتافيزيقية والتشريعية ". أما البلاغي الخطابي فيعالج أثر القول في الجمهور ويستمد مادته من المقامات البرلمانية والسياسية ومنافسات المحررين وأساليب البيع والمزايدة وأحداث " المناوشات الاجتماعية "، أما الرمزية فيتناول مظاهر التعبير النفسي ويستمد مادته من " أشكال الفن وأساليبه ".

وليس من أهداف هذا الموضوع بل ليس في طوقي أنا أن اعرض معالجة بيرك لكبريات النظريات الفلسفية التي استحدثها الإنسان، وحسبي أن أقول هنا أن غايته لم تكن استخلاصاً لخير ما في تلك النظرات أو دفاعاً عنها بل كانت تشيخصاً لها أو " وضعاً " لها في مواضعها، ليستمد من كل فلسفة مفتاحها. كتب يقول: " ليست غايتي في هذا العصر أن ألخص الفلسفات القديمة أو أتحدث عنها ولكني أحاول أن أجد مصطلحات تعد مفاتيح لها جميعاً ". وكانت محاولته في أن يضعها جديداً تتطلب منه أن يبحث عن المجاز الذي يفتح أمامه سر كل نوع من أنواع الفلسفة فافتتح كتابه بالمجاز الذي يفضي إلى مسالة الخلق " الله خالق) ، وانتهى إلى الدساتير السياسية (الإنسان مشرع) بينا كان عظم الكتاب يدور حول الدراما باعتبارها مفتاحاً (أي الإنسان ممثل، وهذا خير من المجاز القديم الذي كان يقول فيه: الإنسان محارب) . وباتخاذه الدراما مفتاحاً فلسفياً استطاع بيرك أن يدرس الأحوال الإنسانية من أتفه صورها حتى يبلغ أقصاها في دراما الخلق والتكوين.

ولم يتهيب بيرك اتساع الفكر الفلسفي بل ذهب يستمد مادته التحليلية من جميع المصادر حتى انه لم يتورع ان يستشهد بذكريات من سلوكه الفردي فهو يذكر مثلا كيف قرأ سانتيانا ورأى في المنام انه سائح يلبس الملابس البيض على شاطئ المتوسطة، ولم يستكبر ان ينقل ظنونه والخطرات اللاشعورية التي كانت تعتريه، وأن يقتبس ملاحظ وأسئلة

<<  <  ج: ص:  >  >>