العمل الرمزي باستثناء كولردج وغنما يعتمد في ذلك على مجموعة من الفلاسفة والمتفلسفين يشبهونه شبهاً غريباً في منحاهم الشاذ المتفرد: وهؤلاء هم أهم من يستمد منهم:
١ - جرمي بنثام الذي ذكره هازلت في كتابه " روح العصر " وإذا قرأت ما كتبه هازلت عنه وجدته ينطبق على بيرك نفسه - إذا شئت أن تهاجمه لا ان تترفق في الحكم عليه - حتى لتقول إنهما في المصطلح الفلسفي الشاذ الذي يشتمل على حدة وعلى معنى بعيد يتمنى المرء لو استطاع أن يفقهه. وقد رأينا كيف أن بنثام حاز إعجاب رتشاردز ايضاً، مثلما حاز إعجاب بيرك الذي يعده مؤسساً للدراسة اللغوية الجادة، ويضعه في كتابه " الثبات والغير " على مستوى دارون ويقول أن كلا منهما قد تقسم في " آلاف من الذوات والنفوس ". غير انه لا يؤمن بمذهب بنثام الذي يرمي إلى تجريد اللغة من المجاز للتخلص من الشعر والخطابة ويرى في هذا المذهب رمزاً عن الخصاء. إما المذهب النفعي اللاديني الذي قال به بنثام فأن بيرك يعده مذهباً دينياً دنيوياً أو نوعاً آخر من نظرية " القاعدة الذهبية ". ويعد تحليلات بنثام للكلام وتصنيف أنواعه كشفا بالغ القيمة مفيداً إن أنت حذفت منه فكرة التخلص من المجاز. ويصرخ في كتاب " النزعات " بان " خير ما في بنثام وماركس وفبلن هو الهزلية الرفيعة " ويعزو إلى بنثام الفضل في تجريد الأمور من الحواشي والمبالغات، حتى عن كثيراً من المتطفلين لم يصنعوا شيئاً سوى التحلق حول مائدته العبقرية. ويستغل بيرك آراء بنثام في كتابه " نحو الدوافع " عدة مرات، غير أنه في الكتاب ذاته ينصب لتجريد نفسه بعض آرائه التي يجرد فيها آراء الناس من الحواشي والتافه والمغرق ويصف آراء بنثام بأنها " رمز خصاء لرجل عازب " ويفسر تلك الآراء تفسيراً رمزياً مستمداً من بنثام نفسه، ويقول ان تلك الآراء منبثقة من طفولة بنثام الذي يخاف الأشباح خوفاً شاذاً فلما كبر أصبح يخاف " عملية التخيل " في اللغة.
٢ - كولردج: وبينه وبين بيرك شبه قوي جداً ولا يستطيع أحد