إلى جانب كافكا وريلكه وربما نزع إلى التهوين من شأن أدباء كبار أمثال همنجوي وفولكنر، ومن ثم كان كتابه في جملته مخيباً للآمال. غير أن توسيعه وتطبيقه لاصطلاحات بيرك، في مجال نغاير، يدل على سداد وتوفيق وهو على وجه العموم مطلع جيد الإدراك ذو أسلوب ومنهج مرسوم، ولديه من العدة ما يعينه على أن يبلغ شأواً طيباً إذا هو تخلى عن النظرة العامة العابرة وذهب يعمق نظرته في الأغوار.
وهناك شخص لعله آخر من يقدر فيه التأثر بآراء بيرك، وهو أيفور ونترز الذي كان من اقدم من استمدوا من آراء بيرك وطبقوها، وقد أشار ونترز إلى هذا في كتابه الأول " البدائية والانحطاط " الذي ظهر عام ١٩٣٧، فقال في فاتحة الكتاب بنغمته الفذة المميزة:
استعملت مصطلح بيرك حيث وجدت إلى ذلك سبيلا واعترفت بذلك لكي أتجنب تكثير المصطلحات. وقد بدأت تحليلات الأمور البلاغية في نفس التاريخ الذي بدأ فيه بيرك غير أني تخليت عن هذا الاتجاه، واستمر هو فيه، لأني لم أكن أراه اتجاهاً مثمراً. ثم عدت إلى هذا النهج حين استكشفت سر القيمة البلاغية وإمكان خلق مبادئ جمالية تقوم على مثل هذا التحليل. والفرق بيني وبين بيرك غني نجحت في هذا السبيل واخفق هو، وسيجد القارئ في كتابي هذا صورة النزاع القائم بيننا.
ومضى ونترز في هذا الكتاب يفيد من مصطلح بيرك الموجود في كتابه " مقولة مضادة " وكان اشد المصطلحات اجتذاباً له هو " التقدم الكيفي " المستعمل للدلالة على نوع من المبنى الشعري ولكن اقتباس المصطلح وطرح الأفكار التي يعبر عنها محاولة مقضي عليها بالإخفاق، ولذلك كف عنها ونترز وخلق لنفسه معجماً آخر.