للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

وبين هذين الطرفين نقاد لم يفلح أحد منهم في أن يتجاوز التعليق على مظهر واحد في كتاب من كتب بيرك كأن يكون المراجع سمانتياً أو لغوياً أو نفسياً أو فيلسوفاً أو ناقداً أو عالماً اجتماعياً أو مراجعاً بسيطاً حائراً، فهو يختار المظهر الذي يناسبه في مؤلف بيرك وبيدي فيه رأياً.

٤

- كان السر في اختلاف المراجعين والناشرين حول الميدان الذي يعمل فيه بيرك يكمن في أنه لا ميدان له، حتى لقد تسمع في السنوات الأخيرة من يرددون القول بأنه ليس ناقداً أدبياً وإنما هو عالم سمانتي أو نفساني اجتماعي أو فيلسوف وأدق من هذا أن يقال: إنه ليس ناقداً أدبياً فحسب وإنما هو هذا الناقد والسمانتي والنفساني الاجتماعي والفيلسوف وغير ذلك، وقد أبان في بعض مقالاته كيف أن ميداناً واحداً ليس كفاء بمشكلة التركيب العامة التي تتضافر فيها جهود شتى الميادين، إذ يقول:

ولو أن امرأ قدم " تركيباً " يؤلف به بين الميادين التي تشملها الأنظمة المتنوعة، فأي الأنظمة تلك كفاء بتقويم ذلك التركيب؟ إن كل تخصص يكتسب قيمته من توجهه نحو التنوع فكيف يمكن لنا أن نحكم تخصصاً واحداً ليعكس لنا " توحداً " بين المتنوعات أو لنضع الأمر وضعاً آخر فنقول: لو أراد امرؤ أن يكتب عن التواشج بين عشرة تخصصات، لكان يكتب عن شيء يقع خارج نطاقها جميعاً.

ولقد كانت الغاية القصوى في نقد بيرك هي ذلك التأليف التركيبي لكل نظام أو مجموعة من المعرفة يمكنها أن تلقي ضوءاً على الادب، وجمعها معاً في إطار نقدي متناسب. وقد وقف بيرك يقاوم كل نظرة محافظة أو متدينة تنادي بإقصاء هذه الأداة النقدية أو تلك وتقول إنها " نابية " غير ملائمة، حتى قال: " إن المثل الأعلى من النقد حسب ما

<<  <  ج: ص:  >  >>