البيان والتبيين ٣: ١٢١.
تفسير الطبري ١٩: ٢٠؟ ٢١ وانظر قولا آخر له في البيان والتبيين ١: ٤٣.
أغاني ٢٠: ١١١.
أغاني ٢١: ٥.
إن من يقرأ فتوح ابن أعثم لا يخطئ هذه الروح القصصية في إسباغ صفة " المنقذ " على المهلب وأبنائه، وهذا أمر يتطلب درساً دقيقاً للرواية التاريخية، والكشف عن سبب هذه العصبية " الأزدية ".
انظر الحديث عن أثر أبي بلال في نفسية عمران في كتاب: أدب الخوارج: ٨٩.
المؤتلف والمختلف رقم: ٢٤٥، ص: ٩١.
تاريخ الطبري ٥: ١٥؟ ١٦.
انساب الاشراف ٧: ٩٩، وياقوت (كسكر) .
كان زعيماً للخوارج ثم عدلوا عنه إلى عبد الله بن وهب الراسبي لما سمعوه يقول " سلام على من بايع ... البيت " وقالوا له: خالفت لأنك برئت من القعد.
كان هو وحرقوص بن زهير زعيمي الخوارج الذين انشقوا على علي بن أبي طالب،
وكان موصوفاً بحسن الرأي والعبادة، يجتهد فيها حتى دبرت جبهته وركبتاه وسمي " ذا الثفنات "، وقد قتل يوم النهروان.
كذلك ورد اسمه في تذكرة الصفدي (١: ٣٩) والتاج (أجأ) والطبري ٦: ٥٠، وورد في ابن أعثم: الأخنس العيزارا، وفي شرح النهج: الأخنس بن العزيز؛ وكان من أشد فرسان الخوارج وممن شهد يوم صفين وقاتل فيه، وقتل يوم النهروان.
قد يكون هذان البيتان جزءاً من مطلع القصيدة السابقة.
هو قاتل علي (رض) بتحريض من قطام بنت الأصبغ التميمي (ويقال: قطام بنت علقمة أوقطام بنت الشجنة) ، وبعد أن توفي عليّ قام الحسن بقتل ابن ملجم، ضربه على رأسه ضربة، وبادرت إليه الشيعة من كل ناحية فقطعوه إرباً إرباً (ابن أعثم ٤: ١٤٦) .
هو أحد بني ثعل، ولاه الخوارج أمرهم بوصية من فروة بن نوفل الأشجعي بعد أن أخذت نوفلاً قبيلته وحبسوه في الكوفة، فبايع أصحابه ابن أبي الحوساء، وقد قتل ابن أبي الحوساء سنة ٤١هـ؟ وقتل معه جلّ أصحابه (الأنساب) .
بايعه الخوارج بعد ابن أبي الحوساء، وسار بأصحابه إلى النخيلة، فقال معاوية لأبيه: اكفني ابنك، فكلمه أبوه وناشده فلم يطاوعه، فوجه إليه معاوية جيشاً في الفين، وفيهم وداع أبوه، فدعا وداع ابنه للبراز فقال له: يا أبت، لك في غيري من القوم سعة فأعفني، وبارز حوثرة ابن حمر، فقتل حوثرة في جمادى الأولى سنة ٤١، قتله رجل من طيء، وبارز فلما رأى اثر السجود في وجهه ندم على قتله.
اعتزل القتال يوم النهروان في خمسمائة ونزل ناحية البندنيجين والدسكرة ثم أتى شهر زور، فلما بلغه أمر الصلح بين الحسن ومعاوية وولاية معاوية قال لأصحابه:
قد جاء من لا نرتاب بأن الحق في قتاله وأقبل النخيلة، فندب معاوية أهل الكوفة لقتاله، فجاءه قومه وأدخلوه الكوفة وحبسوه ثم هرب من حبسه وخرج على المغيرة ابن شعبة فقاتله وقتل فروة وأصحابه.
كان ممن ارتث يوم النهر وعفا عليّ عنه، فخرج إلى الريّ، ولما بلغه مقتل عليّ، دعا أصحابه للرجوع إلى الكوفة، فلما وليها المغيرة بن شعبة، اجتمع حيان والمستورد بن علفة ومعاذ بن جوين الطائي في منزل حيان، واتفقوا على أن يتولى المستورد أمرهم، وعزموا على الخروج سنة ٤٣، ولكن حال دون ذلك تربص الشرطة بهم، وأمر المستورد أصحابه فتفرقوا وغيبوا السلاح، ثم جرد جيش لحربهم فقتل المستورد وأصحابه، وكان معاذ بن جوين قد أخذ وحبس، وبويع حيان بعد مقتل المستورد، فقتل على يد جيش جهزه لحربهم عبيد الله بن زياد.
هو ممن ارتث يوم النهر، ثم ندم على خذلانه لعبد الله بن وهب الراسي، وخاض معركة النخيلة وسلم، وعاش في الكوفة أثناء ولاية المغيرة، واتفق على الخروج مع حيان والمستورد وغيرهما، ثم حبس، ولما أخرجه المغيرة من الحبس أقنعه حيان بن ظبيان بالخروج فخرج في ثلاثمائة ببانقيا، وهي في حد الكوفة، فأرسل إليه المغيرة جيشاً قتله وأصحابه.
خرج سهم بالبصرة أيام معاوية على عبد الله بن عامر سنة ٤٤هـ؟ في سبعين رجلاً فيهم الخطيم الباهلي فقاتلهم ابن عامر وقتل منهم وسلم سهم والخطيم فعرض عليهما الأمان فقبلاه، فلما قدم زياد البصرة سنة ٤٥ خافه سهم والخطيم فخرجا إلى الأهواز، وهناك جدد سهم الخروج، ثم تفرق عنه أصحابه فاستخفى، ودل زيا على موضعه فأخذه وقتله وصلبه.
سيره معاوية إلى مصر فلقي فيها قوماً من الخوارج أمالوه إلى رأيهم، فقدم العراق وأورد الخروج على زياد وتأهب لذلك، فطلبه زياد فهرب، ثم كلم فيه معاوية فكتب إلى زياد بالكف عنه، وقتل مع مسلم بن عقبة يوم الحرة.
أدية أمه (وقيل جدة له جاهلية) وأبوه حدير بن عمرو بن عبيد بن كعب التميمي، شهد مع علي صفين فأنكر التحكيم، وشهد مع الخوارج النهروان، ولعله اكبر شخصية أثار فقدها أعمق الأسى لدى الخوارج، وهو عندهم رمز " السلف الصالح " بعد أصحاب النهر والنخيلة، وجميعهم يتولونه، وهو مثال الرجل الزاهد، فقد كان متقشفاً صحيح العبادة حسن البصيرة مرهف الإحساس بمعاني الخوف، حتى إنه أصيب بالإغماء حين رأى بدوياً يهناً له بعيراً بالقطران، لأنه ذكر به قطران جهنم، وفي مصرعه معنى الاستشهاد المؤلم لسببين:
أولهما: أن أبا بلال لم يخرج كغيره من الخوارج يستعرض الناس فإنه كان لا يدين بالاستعراض، وإنما كان معتزلاً؟ ترك البصرة وانحاز إلى الريف هرباً بدينه دون أن يخيف السبيل أو يذعر مسلماً؛ ويقترن اعتزاله لحياة البصرة برؤيته البلجاء؟ إحدى مجتهدات الخوارج؟ تقتل وتقطع أطرافها ويلقى بها في السوق. وقد كان أبو بلال يقول: " إن الله قد جعل لأهل الإسلام سعة في التقية " ولكن التقية بعده لم تبق مبدأ يعتقده الخوارج.
وثانيهما: أن الطريقة التي تقل بها أبو بلال كانت مريرة مؤلمة، فبعد أن هزم والفئة القليلة من أصحابه جيشاً عند آسك، جرد عليهم جيش آخر، وأثناء القتال بين الفريقين غير المتكافئين حان وقت الصلاة فاستأذن أبو بلال وأصحابه في أن يصلوا فأذن لهم، ثم انهال عليهم الجند يقتلونهم وهم بين راكع وساجد. وكان قائد الجيش الذي قضى على تلك الجماعة الصغيرة عباد بن علقمة المعروف بابن أخضر المازني (راجع أسماء المغتالين: ١٨٠) .
ولقد رثاه كثير من شعراء هذه الفرقة، كما أن بعض الجماعات الإسلامية تتنافس في انتحال نسبته إليها، فيدعيه المعتزلة وتدعيه الشيعة، ولا يعدل به الخوارج أحداً بعد أصحاب النهر.
هو عروة بن حدير أحد بني ربيعة من حنظلة من تميم، وأخو مرداس، كان له أصحاب وأتابع وقتله زياد في خلافة معاوية صبراً؛ وسيفه أول سيف سل من سيوف الخوارج، وكان شديد العبادة حتى قل مولاه في وصفه: ما أتيته بطعام بنهار قط ولا فرشت له فراشاً بليل قط.
سماه المبرد عيسى بن فاتك، وكذلك هو في الوحشيات وشرح النهج ٥: ٨٦ ونسبته مرة " الخطي " ومرة " الحبطي " وقال البلاذري: هو عيسى بن حدير أحد بني وديعة، فهو من بني تيم اللات بن ثعلبة، كان من أصحاب نافع بن الأزرق وقتل بعد خروج الأزارقة، وذكر البلاذري أن له شعراً كثيراً
كان طواف بن علاق يجتمع مع بع الخوارج إلى جدار فيتحدثون فأخذهم عبيد الله بن زياد فحبسهم ثم عرض عليهم أن يقتل بعضهم بعضاً، فكان طواف في من اقترف القتل، وأصابه إثر ذلك ندم ولقي الهثهاث بن ثور السدوسي فقال له: يا ابن عم أما من توبة، فأشار عليه الهثهاث بالجهاد، فخرج هو وأصحابه سنة ٥٨، فسعى بهم رجل إلى ابن زياد فأرسل عليهم الشرط وقتل طواف ومعظم أصحابه.
ورد اسمه أحياناً " الدهين " وفي أنساب الأشراف ٤ / ٢: ٨٨ " الزهير "؟ مصحفاً -، وهو أحد فقهاء الخوارج ونساكها، كان لا يرى القعود عن الحرب، وكان في الرأي والمعرفة والفقه بمنزلة عمران بن حطان، وله أشعار كثيرة في مذاهبهم.
كان عطية بن سمرة من أصحاب نجدة الخارجي.
من بني حنيفة وقيل بل أقام فيهم فنسب إليهم، وكنيته أبو راشد، حبسه عبيد الله بن زياد وظل محبوسا حتى مات يزيد بن معاوية، فلما بايع أهل البصرة ابن زياد أطلق الخوارج من السجن، فكانوا يذهبون إلى المربد في كل يوم فيخطبون ويعيبون الظلم ويدعون إلى قتال السلطان والجبابرة حتى قتل مسعود الأزدي وحاربت الأزد وبكر بن وائل تميما؛ ثم إن الخوارج أمروا نافع بن الأزرق، فبرز إلى الأهواز، وفي تلك الأثناء مال نافع إلى الاستعراض وقتل الأطفال وضيق التقية، فخالفه مجدة وصار إلى اليمامة، وكتب نافع إلى من بالبصرة من الحرورية يرغبهم في الجهاد فأجابه بعضهم ورفض مقالته الصفرية أصحاب عبيد الله بن الصفار التميمي، ورد رأيه ابن اباض، ولقي مصرعه في دولاب سنة ٦٥، وولي الخوارج عليهم بعده عبيد الله بن بشير بن الماحوز السليطي.
من مجتهدي الخوارج، كان يلوم نفسه على القعود ويحض أصحابه على الخروج؛ وقد كان مقتل أبي بلال حافزه على الخروج، وبعد محاورات بينه وبين نافه صمم على الخروج فاشترى سيفا وأتى صيقلا كان يذم الخوارج فشحذه عنده وقتله به وحمل على الناس فهربوا أمامه ثم قبض عليه ابن زياد فصلبه.
كان ثابت عظيم الشأن في الخوارج، ولما سمع المرثية ينشدها الزبير بكى وقال لأصحابه: عليكم السلام، لا والله لا أتأخر عن إخواني بعد يومي هذا، ثم خرج فاعترض الناس فقتل، ولم يدر من قتله لكثرة الناس عليه، ثم صلب.
الزبير بن علي من آل الماحوز أمره قوم من الخوارج بعد مقتل عبيد الله بن بشير بن الماحوز، فخرج فنزل في تخوم أصبهان ثم تحول إلى السوس فقاتله المهلب ثم أتى تستر فقاتله المهلب أيضاً فصار إلى أرجان، وبعد تنقلات كثيرة ومواقعات قتل الزبير في لقاء لجيش بقيادة عتاب بن ورقاء، وولى الخوارج بعده قطري بن الفجاءة وبايعوه قبل مقتل مصعب بأشهر سنة ٧١هـ؟.
استقر رجاء النمري جماعة من الشراة لصد أهل الشام عند توجههم إلى المدينة، فخرج معه ثمانون فيهم نجدة بن عامر وفيهم حجية، إلا أن والد حجية احتال عليه فرده حين أوهمه أن أمه مريضة، فلما قتل رجاء ندم حجية.
كان الحارث مع نافع ثم نجا فأخذه الحجاج بن يوسف من بعد فقطع يديه ورجليه وصلبه، فطرق حرسه الخوارج ليلاً فاستنزلوه ولم يعرضوا للحرس فمضوا به فدفنوه.
كان عون ممن شهد النهر فاعتزل، ثم شهد النخيلة فنجا، وقتل مع نافع.
نجدة بن عامر بن عبد الله بن سائر بن المطرح، كان مع نافع بن الأزرق ثم فارقه بعد أن قال بتبرؤه من القعد وتحريمه التقية، وصار نجدة إلى اليمامة، وهنالك كثر أصحابه فصاروا ثلاثة آلاف ثم أتى البحرين، ومالت إليه الأزد قائلة " نجدة أحب إلينا من ولاتنا لأنه ينكر الجور وولاتنا جائرون "، وأقام بالقطيف، وحاربته عبد القيس فهزمها، فلما قدم مصعب البصرة سنة ٦٩ أرسل إليه جيشاً فهزمه نجدة، وبلغ من نفوذه أن بايعه أهل صنعاء، وأرسل أبا فديك إلى حضر موت ليجبي صدقاتها، وخضعت له الطائف وتبالة والسراة، ثم لقي مصرعه على يد أبي فديك، بعد أن دب الخلاف في جماعته، وفارقه من فارقه منهم، لأمور أخذوها عليه.
ليس من المقطوع به أن يكون هذا الرجل خارجياً، ولكنه نزل وقوم من جرم معه قريباً من ذي المجاز، فأغار عليهم بنو قشير فأصابوا لهم أموالاً، فلما ظفر نجدة ببني كعب، رد على الجرميين ما أخذ منهم، فلذلك رثاه الجرمي.
كنيته أبو سنان، كان من أصحاب نجدة ثم خالفه إذ أشار عليه حيي بأن يقتل كل من بايعه فنهره نجدة وشتمه، ثم بعث إليه من ناظره، فقبل ورجع إلى نجدة، وقال أبو زيد الأنصاري إنه أدرك قطري بن الفجاءة الخارجي.
من أصحاب نجدة الحنفي، ولاه على الطائف وتبالة والسراة، فلما كثر الخلاف على نجدة اجترأ الناس على ولاته، فأما الحازوق فطلبوه بالطائف فهرب، فلما كان في عقبة في طريقة إذا قوم يطلبونه، فرموه حتى قتلوه، وهو يقول: أتقتلونني قتلة الزناة؟! ليبارزني منكم من شاء.
هو الزبير بن علي السليطي من آل الماحوز وكان على مقدمة ابن الماحوز وكان عبيد الله ابن الماحوز هو الخليفة والزبير هو الأمير، استولى على أكثر كور الأهواز وهدد البصرة، وقد خاض معارك متعددة ضد المهلب بن أبي صفرة، وقتل في إحدى تلك المعارك، وانظر الأبيات رقم: ٧١ من شعر يزيد بن حبناء، فقد يكون البيتان منها.
عندما تولى المهلب حرب الخوارج (أيام ابن الزبير) هزم الخوارج فصاروا إلى نهر تيرى، وانضموا إلى عبيد الله بن بشير بن الماحوز، ثم توجه المهلب نحو سولاف من مناذر وقد صار الخوارج إليها فقاتلهم، فانكشف جيشه.
بعد سولاف لقي المهلب الأزارقة بسلى وسلبرى، وأمر جنده أن يرموا الخوارج بالحجارة لأنها تنفر الخيل وتصرف وجوهها وتحير الرجالة وتعقرهم، وكان الخوارج أحسن سلاحاً من جنده؛ وفي هذا اليوم قتل عبيد الله بن بشير بن الماحوز.
كان مسلم من أهل الحجاز، حاول الفتك بأبي فديك لمخالفته إياه في رأيه وقوله بقول نجدة، فوجأه اثنتي عشرة وجأة، ولكن أبا فديك برئ من جراحاته وأخذ مسلم فقتل.
أبو فديك: عبد الله بن ثور أحد بني قيس بن ثعلبة بن عكاية، خالف نجدة بن عامر فيمن خالفه من أصحابه، وقد كان مركزه في البحرين، وكانت بيعته سنة ٧١هـ؟؛ وقد قوي أمره لانشغال مصعب وعبد الملك بالحرب بينهما، فلما قتل مصعب وجه إليه عبد الملك جيشاً قوياً بقيادة أمية بن عبد الله بن خالد بن أسيد، فهزمته الخوارج رغم قلة عددها، ثم قتل على يد جيش بقيادة عمر بن عبد الله بن معمر سنة ٧٤هـ؟.
بنو حبناء ثلاثة اخوة من تميم وهم: يزيد وصخر والمغيرة، والأول منهم كان من الأزارقة أما الاثنان الآخران فكانا أمويي الهوى، ورجح الأخفش (الكامل: ٦١) أن تكون القصيدة التي مطلعها " إني هزئت من أم الغمر " لصخر، وعدة من الأزارقة، ولعل الأصوب نسبتها إلى يزيد، أما المغيرة فمن الثابت أنه لم يكن خارجياً، بل كان في صفوف المهلب يحارب الخوارج ويهجوهم (انظر فتوح ابن أعثم ١: ٢٥١) .
من بني سعد بن زيد مناة من تميم، أزرقي حارب مع قطري وعبيدة بن هلال، ثم انحاز إلى عبد ربه الكبير؛ وفي المعركة التي قتل فيها عبد ربه ترجل الخوارج إلا عمرو القنا وأصحابه من العرب، وكانوا زهاء أربعمائة فقد فروا من المعركة؛ حدث الجاحظ عن القريعي قال: قلت لموسى بن حبيب: أين كان عمرو القنا من جذل الطعان وملاعب الأسنة؟ فقال: لا بل أين كان جذل الطعان وملاعب الأسنة من عمرو القنا! ومات موتاً ولم يفتل، فقال الحجاج: لا وألت نفس الجبان: هذا عمرو القنا مات حتف أنفه.
عبيدة بن هلال اليشكري، كنيته أبو مالك، وكان في أصحابه من الدين والجهاد بمكان، سألوه أن يتولى أمرهم فأبى، ودلهم على قطري، وأبلى في الحرب ضد المهلب، ولما انقسم الخوارج على أنفسهم قسمة فرقت بين العرب والموالي، ظل عبيدة ينتقل مع قطري (في تلك الحركة التي يسميها الخوارج " الهرب ") وانحاز الموالي إلى عبد ربه الكبير واتهم قطرياً وعبيدة بأنهما إنما يتنقلان حرصاً على الحياة، ووصف عبيدة بالاختلاط، وقد لقي مصرعه بعد قطري بقليل، وبموتهما ضعف أمر الأزارقة من الناحية الحربية، بعد أن أضعفتهم الانقسامات الكثيرة.
لعل هذين البيتين من القصيدة التالية.
كان من أنجاد الأزارقة، ولهذا جزعت عليه جزعاً شديداً في المبارزة، قتله حبيب بن المهلب.
كان حطان الأعسر من أصحاب عبيدة بن هلال اليشكري، ولما قتل عبيدة وبعض من معه استأمن أصحابه، وكان حطان في المستأمنة.
كان من فرسان الأزارقة وشجعانهم ذا بطش شديد، لا يراه أحد إلا هابه وكره نزاله، وقد برز له عباس الكندي فقتله.
قطري بن الفجاءة شاعر الخوارج وفارسها وخطيبها والخليفة المسمى أمير المؤمنين في أصحابه، كان يكنى في السلم أبا محمد وفي الحرب أبا نعامة، وقد خاض معارك قاسية ضد جيوش الزبيريين أولا ثم الأمويين، ومني بالمهلب بن أبي صفرة القائد المحنك الصبور ذي المكايد، فأخذ يتنقل أمامه من مكان إلى آخر، وحول هذا التنقل الذي سماه الخوارج " الهرب " دار كثير من شعر الخوارج متضمنا النقد، كما أدى ذلك إلى توالي الانشقاق في صفوفهم، وقد حفلت المصادر التاريخية بأخبار حروبه، وترجم له ابن خلكان (٤: ٩٣) ويقال أنه توفي سنة ٧٨ أو ٧٩هـ؟، وجعل الطبري وفاته سنة ٧٧.
انظر ق: ٨٨ في شعر عبيدة بن هلال.
لما سمع الخوارج هذه القصيدة قالوا لقطري: شد ما مدحت الرجل يا أمير المؤمنين، فقال: ما أئنيت عليه بشيء في دينه ولكني ذكرت ما فيه؛ ويمكن أن تعد هذه القصيدة من " المصنفات ".
اسمه في فتوح ابن أعثم " سبرة بن الجعد " وعلى هذا تجيء لفظة " سميره " في البيت الأول بمعنى " من يسمر عنده " وليست علماً.
كذا سماه الآمدي في المؤتلف: ٤٣ وهو عند ابن الكلبي (الخيل: ٦١) والبلاذري (الأنساب ٧: ٧٥) قيس بن عسعس، ويلقب بالحسبي (النسخة م: الحشي) وسماه ياقوت: قيس بن الأصم ولعلّ لفظة " ابن " هنا مزيدة، وقد حارب مع عبيدة بن هلال، ولما قتل عبيدة كان هو في المستأمنة، وعاش حتى كف بصره، وذكر ابن أعثم (٢: ٩١) أنه لم ينج أحد غيره عندما قتل قطري وأصحابه.
ذهب أبو الفرج (والشريشي وابن أبي الحديد نقلاً عنه) إلى أنها هي أم حكيم التي ذكرها قطري (ق: ١٠٤) وأنها كانت معه في معسكره، وكانت من أجمل الناس وجهاً وأشجعهم وأحسنهم بدينها تمسكاً، وكان قطري يحبها ويجلها، وأخبر من شاهدها في تلك الحروب أنها كانت ترتجز وتقول " أحمل رأساً.... الخ " والخوارج يفدونها بالآباء والأمهات.
خطيب الأزارقة ولولا بروز في أسنانه وصفرة تعيبها (ق: ٩٥، ٩٦) لكان في رأي الجاحظ أخطب العرب قاطبة.
هذا الاختلاف الذي يشير إليه جندب هو انشقاق الخوارج على قطري لأسباب منها: أنه أبى أن يدين عبيدة بن هلال حيت أتهم بامرأة رجل حداد، ولأنه أبى أن يقاسم رجلاً من الدهاقين ظهرت له أموال كثيرة، ولأنه قال مرة إنه لن يخرج إلى الأعداء ثم خرج فكذب، وحل الخروج عليه. ولما عزم قطري على البيعة للمقعطر العبدي انفصل عنه شطر من الخوارج بقيادة عبد ربه الكبير وجلهم من الموالي والعجم وفيهم ثمانية آلاف من القراء.
من أخوال عمران بن حطان.
انظر القصيدة رقم: ٩١ لعبيدة بن هلال.
ذهب البلاذري ٣: ٢٢ / م إلى أن هذه المرأة هي أم حفص بنت المنذر بن الجارود زوج عبد العزيز بن عبد الله بن أسيد، فتزايد عليها قوم أسلموا من المجوس وصاروا خوارج، ففرض لهم الخوارج في خمسمائة خمسمائة فسموا البنجكية، حتى بلغوا بها سبعين ألفاً، فغم ذلك قطري بن الفجاءة وقال: ما ينبغي لرجل من المسلمين المهاجرين أن يكون له سبعة ألف درهم وإن هذه لفتنة، فضربها أبو الحديد العبدي فقتلها، فأخذوه، فقال قطري: مهيم يا أبا الحديد، قال: يا أمير المؤمنين خشيت الفتنة عليهم في هذه المشركة، قال: أحسنت.
يؤخذ من هذه الأبيات أن الرجل؟ حسب إقراره؟ لم يكن خارجياً إن صدق في التعبير عن نفسه، ولعل للخوف من الموت أثره في هذا الموقف، وهذا ما يلحق بما سميته مواقف الخذلان (راجع المقدمة) .
عمران بن حطان بن ظبيان السدوسي البصري التابعي، أو سماك أو أبو شهاب (- ٨٤هـ؟) ، أحد رؤوس الخوارج من القعدية، وواحد من أكبر علمائهم وزهادهم، وربما كان أكبر شاعر ظهر فيهم، يقال إنه كان أول الأمر مشمراً في طلب العلم والحديث، وأدرك صدراً من الصحابة وروى عنهم، وروى عنه أصحاب الحديث، ومن المعروف أن الخوارج أصح أهل الأهواء حديثاً، وأن عمران كان ثقة في نفسه. وفي تحوله إلى المذهب الخارجي تردد المصادر تأثير جمرة في تحويله إلى ذلك المعتقد، ولعل من الغريب أن يكون عمران من القعدة، وربما كان التعليل الصحيح لذلك أنه قال بالقعود بعد أن كبر في السن. ويتردد في بعض قصائده ما يصور تنقله من مكان إلى مكان، وتقرن المصادر بين هذا الفرار وطلب عبد الملك أو الحجاج له، لأنه مدح ابن ملجم، ولكن ظروف هذا التنقل ودواعيه غير واضحة في قرائنها الزمنية؛ ولشهرة عمران في الشعر نسبت إليه أشعار الآخرين من الخوارج (وانظر المقدمة) .
لما توفي عمران جاء سويد بن منجوف يخطب جمرة فقالت له: مكانك حتى أخرج إليك ثم قامت فدخلت إلى مخدع لها فلبست مطرفا لعمران ولفت عمامتها على رأسها وخرجت، فقال لها سويد ما هذا يا جمرة؟ فقالت: إني سمعت خليلي أبا شهاب (عمران) يقول: " وتلبس يوما عرسه ... " البيتين فأحببت أن أصدق قول أبي شهاب بلبسي هذا من ثيابه، فانصرف عني من حيث جئت فلا حاجة لي في التزويج بعد أبي شهاب.
خرج يزيد بن بعثر السعدي التميمي بجوخى، فوجه إليه بشر بن مروان خيلاً فقتل.
كانت جمرة زوجاً لسويد، فسمعت بعمران وعبادته ونسكه، فطلبت إليه أن يخلصها من زوجها، وقالت: قد أحببت أن أكون لك، فإن رأيي رأيك وديني دينك، فأقبل عمران ومعه نفر من الخوارج على سويد، وكلموه في أمرها، فطلقها، وتزوجها عمران؛ وقيل لسويد: أطلقت جمرة خوفاً من الخوارج؟ فقال: لا ولكني لا أحب أن يكون عندي من يكرهني.
طلب الحجاج عمران بن حطان حين جاء العراق أشد الطلب فهرب فنزل بالشام على قوم من بني غسان، فأنكروه فتحول عنهم ونزل على قوم من بني لخم فأنكره رب منزله، فتحول حتى صار إلى روح بن زنباع وغير أسمه ونسبه وذكر أنه من أزد شنوءة، فلما كاد أمره ينكشف ارتحل ونزل على زفر فأقام عنده ثم تحول عنه ومضى إلى بلاد عمان فنزل على قوم من الأزد، فلم يزل بعمان حتى مات الحجاج.
لست مطمئناً إلى صحة نسبة ما أورده صاحب " مضاهاة كليلة ودمنة " من شعر، إذ يتراءى لي أنه منحول.
راجع ما قلته في نسبة القطعة رقم: ١٩٣.
تبدو بعيدة عن روح عمران وعن تجنبه للمدح وللعطاء معاً.
كذلك ربما كانت نسبة هذه الأبيات إلى عمران مما يستدعي توقفاً.
قد مر القول أن عمران بن حطاب هرب من الحجاج وظل مختفيا في عمان حتى مات ذلك الوالي، فقصة القبض عليه ثم إطلاقه تعارض ذلك، ولست أرى هذه الأبيات تتفق وروح عمران وسلوكه عامة، ولعل الصواب أنها كما ذكر ابن عساكر (التهذيب ٤: ٦٦) لبعض الخوارج من اصحاب قطري إذ قال: أن الحجاج أتي بأسارى من أصحاب قطري فقتلهم رجلا رجلا إلا واحدا له عنده يد، وكان قريبا لقطري، فأحسن إليه وخلى سبيله، فصار إلى قطري فقال له: عاود قتال عدو الله، فقال: هيهات غل يدا مطلقها.
ليست نسبتها إليه مؤكدة، لأنها وردت في المصادر ومنها العيون والعقد والأغاني والحماسة البصرية منسوبة لأمية بن أبي الصلت (انظر ص ٢٠ الحاشية: ٣ من ذيل السمط) ، وقال أبو الحسن الأخفش وصاعد اللغوي أنها لرجل من الخوارج قتله الحجاج، وأحر بأن يكون هذا هو الصواب؛ وانظر ديوان أمية: ٥٠ (ط. ليبسك ١٩١١) .
مالك المزموم (أو مويلك) ؟ بالزاي وفي الأغاني بالذال؟ وعند ابن الحديد مويلك السدوسي من بني عامر ذهل طلبه الحجاج فتوارى منه ودخل اليمامة فنزل بحجر وكان والي اليمامة حينئذ هو إبراهيم بن عربي وعهلى شرطته عبد الله بن حكام، فقيل إن مالكا كان من أحسن الناس قراءة للقرآن، فقرأ ذات ليلة فسمعت قراءته امرأة من آل حكام فرمت بنفسها فوق سطح فماتت فأتى أهلها فضربوه، فاستدعى عليهم رئيس الرشطة فلم يعده؛ ولم يتعرف صاحب الخزانة إلى مويلك هذا بل قال: والظاهر أنه شاعر إسلامي ولم أقف على نسبه.
كان مالك يتخوف أن تنسب أبياته هذه إلى عمران لشبهها بشعره، فلما شاعت رواها الناس لعمران، وكذلك نسبوا لعمران القصيدة التالية التي لم يبق منها إلا بيت واحد، وهي في الأصل قصيدة طويلة.
يستدل من الأغاني أن هذا البيت من قصيدة أخرى غير القصيدة التالية.
أورد ابن أبي الحديد البيتين الثالث والخامس وقال " دخل مويلك السدوسي إلى البصرة يبيع إبلا، فأخذ عامل الصدقة بعضها فخرج إلى البادية وقال ... " وهذه المناسبة تختلف عما جاء في الأغاني.
قال صاحب الخزانة: أوردها الأعلم الشنتمري في حماسته وزاد بعد هذا ستة أبيات.
صالح بن مسرح أبو مالك أحد مخاييت الخوارج، كان ناسكا مصفر الوجه لا يرفع رأسه خشوعا، وكان صاحب قصص يدعو فيه إلى الزهد، ويدعو إلى الخروج، وقد خرج هو نفسه عام ٧٦هـ؟ بعد اتفاق بينه وبين شبيب، وكان خروجه بجوخى، ثم أتى النهروان فصلى في مصارع أصحابه وقال: اللهم ألحقنا بهم فإنهم مضوا على طاعتك؛ ثم صار إلى نصيبين، وقتل عام خروجه.
لما خرج شبيب بن يزيد الشيباني ارتفع إلى الموصل فدعا سلامة هذا إلى الخروج معه، وكان فضالة أخوه قد خرج قبل خروج صالح بن مسرح فقتله عنزة، فاختار سلامة من أصحابه ثلاثين وأغار بهم على عنزة وأخذ بثأر أخيه، ويقال إنه صار مع شبيب ويقال إنه اعتذر عن ذلك بشغل.
قال المرزباني: ٢٦٦ أصيلة أمه وهي من بني محلم، وأبوه شراحيل بن شريك بن عبد الله بن الحصين الشيباني، وهو من شراة الجزيرة، وقد ذكره ابن دريد في الاشتقاق: ٢١٦ في رجال بني شيبان، وعده الجاحظ (البيان ٣: ٢٦٦) من شعراء الخوارج؛ وانظر كتاب من نسب إلى أمه: ٩٥.
بعد أن دخل شبيب الكوفة استنفر الحجاج ضده قوم من أهل الشام، فانحاز شبيب إلى السبخة، وعلا مزبلة كانت هناك يشرف منها على الكوفة، فجالدوه حتى أزالوه عنها، وصاروا جميعاً بالأرض، فقاتلوا حتى كثرت الجراح في الفريقين، وولى شبيب وأصحابه منهزمين ووجهتهم الأنبار.
كان سيف بن هانئ على جوخى وجواثا في رابطة أعدوا للخوارج تدفعهم عن الناس، وتجمع ناس من الخوارج بالفلوجة أيام الجماجم فقال رجل منهم من جديلة طيء اسمه المصك (المصل في م) لولا مكان ابنتي لسرت إلى سيف بن هانئ، فقال له أحد الخوارج: هي مع بناتي لا يسعني بيتي ويعجز عنها، فاشترى حماراً وخرج إلى راذان فرآه سيف في الصف الأول فاستراب به فقال لأصحابه: خذوه حتى أصلي، وفتش فوجد معه خنجر، فضرب سيف عنقه.
ذكر المبرد (٣: ٢٩٣) أن بسر بن عاصم كان خارجياً ثم فارق رأي الخوارج وصار مرجئاً وقال:
فارقت نجدة والذين تزرقوا ... وابن الزبير وشيعة الكذاب
والصفر الآذان الذين تخيروا ... ديناً بلا ثقة ولا بكتاب كان الخطار النمري؟ من النمرين قاسط؟ نصرانياً فأسلم، ودعته الخوارج فأجابها، وخرج براذان على سفيان بن هانئ الهمداني، فحاربه سفيان فقتله واصحابه.
من بني عصر بن عوف بن عمر بن عبد القيس، من أنفسهم، وقيل مولى لهم، وكان يرى رأي الأزارقة، وكان يبيع بسوق الزيادي، فلما قدم داود بن النعمان البصرة للتجهز، دخل السوق ليشتري غلالة، وكان جميلاً، فقال له زياد؟ وظنه أحد فتيان البصرة؟ عندي غلالة أرق من دنيك، فلم يكلمه داود ومضى، ثم عرف زياد أنه أخطأ فاعتذر إليه، وخرج الأعسم في جماعة فقتلوا، وكان خروجه أيام الوليد بن عبد الملك.
كان داود عابداً مجتهداً وكان يقول لأصحابه إني قد مللت الدنيا والمقام في دار الكفر مع الظلمة الكفرة، ثم حج وتوجه في أربعين من أصحابه إلى البصرة، وكان أبوه غنياً فحاول أن يثنيه عن ذلك فأبى، وفي سنة ٨٦ خرج إلى موقوع فتوجه إليه جيش فقاتل هو وأصحابه حتى قتلوا وبقي هو وحده، فألجأوه إلى حائط ثم رموه بالنبل وطعنه رجل وقال: ذق بما قدمت يداك، فقال: ويحك حر النار أشد من هذا؛ ومات.
قد تكون هذه الأبيات مقدمة للقصيدة السابقة.
كان جواز من رؤساء الخوارج مع من شهد حصار ابن الزبير، ونزل الشام، وجرى بينه وبين عبد الملك مجادلات، جعلت عبد الملك يقول له: قد أعطيناك عهداً وموثقاً فلا سبيل لنا إلى قتلك، ولكنك والله لا تساكنني في بلد، فسكن مصر، وكان يرى رأي الصفرية، فلما ولي الوليد الخلافة أمر بإحضاره من مصر وبعث به إلى الحجاج، وكان بنو أمية لا يرون قتل الخوارج بالجزيرة أو بالشام مخافة أن يتخذوها دار هجرة، فأمر الحجاج بقتله.
كان من عباد الخوارج المجتهدين فطلب بالبصرة، فتوارى عند رجل من بني تميم على رأيه، فأمر امرأته أن تتعهده وخرج لبعض شأنه، فغاب أربعين ليلة، وكان داود منخفض الطرف لا ينظر إلى شيء، فقدم التميمي بعد أربعين ليلة فقال لداود: كيف رأيت خدمة الزرقاء؟ فقال: ما أدري أزرقاء هي أم كحلاء، ثم خرج داود بالبصرة في سنة ٩٠ فوجه إليه واليها مروان بن المهلب خيلاً فقتل هو وأصحابه بموقوع.
لما وصل كتابه عمر قال: أتعرفون هذا الرجل؟ قالوا: نعم يا أمير المؤمنين، له خبرة وبصيرة وعارضة شديدة، وقد شهد مواطن كثيرة؛ قال: فالذي أنكره أنا أكثر من الذي أنكر، ثم أجابه عن أبياته بأبيات أخرى (انظر: ابن الجراح: ٦١ / ب) .
بعد حوار بين الخوارج وعمر بن عبد العزيز، قال الخوارج بعضهم لبعض: كفوا عنه ما ترككم، وكذلك كان رأي عمر أن يكف عنهم ما لم يفسدوا؛ وكتب عمر إلى عبد الحميد بن عبد الرحمن بن زيد بن الخطاب بما كن بينه وبين الخوارج، ويأمره أن يكف عنهم ويجاهدهم إن قاتلوه، فبعث عبد الحميد جيشاً بازائهم وبعث عمر ألفاً بقيادة هلال بن حوز، وظلت الفئتان دون قتال حتى مات عمر بن عبد العزيز.
هو زعيم الخوارج أيم عمر، ظل مخلداً إلى السلم طوال عهد عمر، فلما جاء يزيد خرج بسطام في جوفى، فوجه مسلمة بن عبد الملك إليه جيشاً بقيادة سعيد بن عمرو الحرشي، فقتل بسطام وأكثر أصحابه وانهزم من بقي، وقتل مع بسطام الريان بن عبد الله اليشكري، وهدبة اليشكري بن عمه، مقاتل بن شيبان أبو شبيل.
ذكر البلاذري في الأنساب ٣: ٣١ (م) أيوب بن سعفة وأورد له بيتين من هذه القصيدة في رثاء هدبة الطائي الذي خرج جوخى فقتله سيف بن هانئ، ثم قال ويقال إن هدبة شيبان؛ ذكر (٣: ٨٤ / م؛ ٨: ٢٣١) أيوب بن خولى البجلي يرثي جابر بن سعد (انظر القصيدة التالية) ؛ وعند الطبري أن هذه القصيدة في رثاء هدة اليشكري وأنها لأيوب ابن خولى؛ وفي شرح النهج ٣: ٢٦٧ أيوب بن خولة.
الصحاري بن شبيب أو أبو الصحاري شبيب كما ورد اسمه في مخطوطة أنساب الأشراف والشهرستاني (١: ١١٤) شرى وحكم سنة ١١٩ وذلك أنه أتى خالد بن عبد الله القسري يسأله الفريضة فلم يفرض له، فخرج إلى نفر من بني تيم اللات بن ثعلبة كانوا بجبل فقالوا له: وما كنت ترجو بالفريضة؟ فأخبرهم أنه إنما تقدم إلى خالد ليقتله، إذ أنه قتل أحد الصفرية براً، ثم دعاهم الصحاري إلى الخروج، فخرج بعضهم وقعد آخرون، فوجه إليه خالد جنداً قتلوه وقتلوا جميع أصحابه.
يلقب كثارة، خرج أيام خالد بن عبد الله القسري، وكان سبب خروجه أنه أرسل خادمه ليشتري له خلاً فباعوه خمراً، فأتى الموصل فاتبعه قوم من أهلها وأهل الجزيرة، وكان البهلول لين السيرة لا يقاتل إلا من قاتله ولا يعرض لأحد، ولا يأخذ شيئاً إلا بثمن، متشبهاً في ذلك بشيخ الخوارج أبي بلال مرداس؛ وقد جرت بينه وبين جيوش الخلافة عدة وقائع، وبعد مقتله ولى الخوارج عليهم دعامة بن عبد الله الشيباني بوصية من البهلول نفسه.
هو أحد القادة البارزين في جيش الضحاك بن قيس الشيباني، وقتل سنة ١٢٧هـ؟.
كان نسابة لغوياً راوية خطيباً شاعراً، وعرف بقصيدته اللامية الطويلة ومطلعها: " نزا بثي ... " وهي مليئة بالغريب حتى قيل إنها تقوم مقام كتاب كبير في اللغة؛ وقد ظل شبيل سبعين سنة رافضياً ثم انتقل خارجياً صفرياً عند انتصار الضحاك بن قيس على ابن عمر والي العراق.
يقال في اسمه جدرة ويقال حدرة، وهي السلعة، قا الأخفش: والصحيح عندنا ابن خدرة؟ الخاء وكسرها؟ وقال المبرد: لم أسمعه إلا جدرة ويقال جدرة؛ وقد عده الجاحظ (البيان ٣: ٢٦٤) من خطباء الخوارج وشعرائهم وعلمائهم، وقال: عداده في بني شيبان وهو مولى لبني هلال بن عامر؛ وقد انتمى الخوارج في سن كبيرة، ولهذا تتفاوت أشعاره تفاوتاً ملحوظاً.
عتاب بن ورقاء الرياحي: ولاه الحجاج على جيش كوفي أعده لقتال الخوارج الذين مع شبيب، وضم إليه زهرة بن حوية، فقتل عتاب، قتله رجل يقال له عمرو من بني تغلب وقيل غيره؛ قلت وانظر ق: ٢١٧ فإنها تشترك في بعض العبارات، وخاصة البيت الثاني والخامس.
تولى أمر الخوارج بعد وفاة سعيد بن بهدل بالطاعون، وخاض معارك كثيرة، وجرح فنزف وعطش، ثم رفع له خباء فأتاه فوجد فيه امرأة فاستشفى فسقته، فسقط ولم يقدر على النهوض، ولما أفاق أتى أصحابه فقالوا له فررت من الزحف ولم تقر بالفرار، فاعتذر فلم يقبلوا عذره، فكانوا لا يجالسونه ولا يكلموه، فقال الضحاك: اللهم إني قد صدقتهم وكذبوني، وبذلت نفسي فرددت، اللهم أنت لي خير منهم، وبهذه المناسبة قال قصيدته (ق: ٢٦٧) يتحسر على تغير النيات وعلى ذهاب إخوانه؛ وقبل أن يقتل في إحدى المعارك ضد مروان أوصى أن يصلي بهم شيبان بن سلمة ويقود القتال الخبيري؛ وقال: لست أملك إلا فرسي وسلاحي وسبعة دراهم منها ثلاثة في كمي.
لقب بالضعيف لأنه قيل له ألا تخرج، فقال: والله ما بي ضعف عن ذلك ولكني ضعيف البدن، وأني لا أجد أعواناً، ثم خرج ومات من مرضه بعد أيام.
تولى قيادة الخوارج بعد مقتل الخيبري، وظل عشرة أشهر أو تسعة يقاتل مروان بن محمد وهو في خمسة آلاف، ومروان في ثلاثين ألفاً، وهزموا مروان في تلك الشهر نيفاً وسبعين مرة فيما يقال، وقطع مروان عنهم مادة الطعام حتى صار الرغيف في معسكرهم بدرهم، وأخذ شيبان يتنقل من مكان إلى آخر فلامه المعمر (المعتمر) بن شيبة وقال: ما هذا الروغان، وانتهى المطاف بشيبان إلى عمان وهناك قتل.
أقدر أن هذه الأبيات جزء من القصيدة التالية، والشاعر هنا اسمه عمرو بن الحسن وصاحب التالية اسمه عمرو بن الحصين وفي اسم أبيه تحريف في أحد الموضعين، ومما يقوي هذا الظن قول أبي الفرج: عمرو بن الحصين ويقال: الحسين، وهو عند البلاذري (النسخة م ٣: ١٤٣) عمرو بن الحسين؛ والبيت الأول من هذه القطعة هو البيت الثامن في القصيدة التالية.
عمرو بن الحصين العنبري مولى بني تميم، وقصيدته البائية رواها الأخفش عن السكري والأحول وثعلب، وكان يستجيدها ويفضلها.
الطرماح وإسمه الحكم بن الحكيم، طائي النسية يكنى أبا نفر وأبا ضبيبة، نشأ بالشام وإستوطن الكوفة وتنقل في كرمان وقزوين وعمل مؤدبا في الرأي، ومدح بعض ولاة بني أمية وقوادهم، وكان بينه وبين الكميت صداقة على تباينهما في المذهب؛ وقد خرج في معظم شعره عن ما اخذ الخوارج به أنفسهم، ولهذا لا نجد في ديوانه من الشعر الذي ينسجم وصرامة العقيدة الخارجية إلا الشيء اليسير.
انظر ديوان الطرماح: ١٩٣ والقصيدة في ٧٧ بيتا، وقد اكتفينا منها بهذه الأبيات.
قال المرزباني في معجم الشعراء: اسمه عدي بن سويد بن ريان، وقيل اسمه سويد بن عدي، وقال: هو مخضرم؛ وفي الإصابة (٥: ١٠٥) قال ابن الكلبي: جاهلي إسلامي، وذكره ابن حجر في سويد (٣: ١٧٢) ونقل عن المرزباني ثم قال: كثير الشعر، وذكر صاحب الخزانة (٤: ١٥) عمرو بن عدي الطائي وذكر له بيتاً واحداً. ويبدو أن الأعرج ليس من شعراء الخوارج حسب هذه المعلومات وإن قال التبريزي فيه إنه أحد الخوارج ولهذا جعلنا ما عثرنا عليه من شعره في ملحق منفرد.
قال التبريزي ١: ١٥٤ الصحيح أنها لعمرو بن يثربي، وهذ أصوب لأنه يرثي فيها عثمان، وأين خارجي من رثاء عثمان، إلا أن يكون الأعرج قد عاش حتى تحول عن عثمانيته.
ينظر: الاشتقاق لابن دريد ٣٨٨، أسد الغابة في معرفة الصحابة ٤ / ١٤ (القاهرة ١٩٧٠) .
أمالي القالي ١ / ٢٠٥، قطب السرور ٤٢١، المستطرف ٢٦٠.
الصواب (زبان) كما بينا وهو تصحيف فات الأستاذ المحقق، ينظر معجم الشعراء ٨٥.
في الجزء الثاني ١١٦ والجزء الثالث ١٠٤ من الطبعة المصرية ١٩٣٩.