هذا لوم من الشعر زهدي ثوري جامح، يكبر الإنسان الخارجي إكباراً شديداً، لأن كل إنسان ذهب في سبيل العقيدة يعد شهيداً، فهو المثل الأعلى في نظر أصحابه بعد استشهاده، وهو الذي يستحق الرثاء والبكاء، مثلما أن الجماعة الخارجية هي العصبة المثالية التي تمثل الحق، فهي إذن تستحق المدح والثناء؛ ومن ثم كان موضوع هذا الشعر هو الإنسان؟ الإنسان الخارجي على وجه التحديد، والمحرك الداخلي فيه هو روح التقوى المتطرفة، فهو لذلك أدب قوي يزيد من قوته شدة التلازم بين المذهب الأدبي والحياة العملية، ويقترن فيه الصدقان: الصدق الفني والصدق الاجتماعي.
وقد ترك فيه موضوع الموت لوناً حزيناً ونغمة حزينة ولكنه لم يسلمه إلى يأس مطلق، لأن هذا الموت نفسه كان عند ذلك الشعر نوعاً من الأمل، إذ لم يعد الموت إلا دخول الجنة أو لقاء الأخوان والأحباب الأبرار الأتقياء الذين تقدموا على الطريق.