ومن ثم سيطرت على هذا الشعر وحدات ثلاث: وحدة الغايات، ووحدة الخصائص، ووحدة التيارات النفسية:
أ) أما وحدة الغايات فتمثل النقطة التي تلقي عندها أحلام كل واحد من أولئك الشراة وهي الاستشهاد في سبيل الله، أو طلب الموت ويمثلها قول البهلول:
من كان يكره أن يلقى منيته ... فالموت أشهى إلى قلبي من العسل
فلا التقدم في الهيجاء يعجلني ... ولا الحذار ينجيني من الأجل ب) وأما وحدة الخصائص فهي مجموعة الصفات السامية التي يمكن أن تقال في كل خارجي صادق العقيدة، ولذلك تشابه هؤلاء في الصورة العامة الكبرى، وأصبح الشعر المقول في وصف الشاري لا يميز إلا باختلاف الأسماء لأنه لا فرق بين أبي بلال ومطر وصالح بن مسرح وداود بن النعمان والخطار، فكل واحد فيهم يمكن أن يقال فيه ما يقال في الآخرين؛ وهذه الخصائص تتمثل في كل فرد على حدة كما تتمثل في الجماعة:
متأهبون لكل صالحة ... ناهون من لاقوا عن المنكر
صمت إذا حضروا مجالسهم ... من غير ما عيّ بهم يزري
متأهون كأن جمر غضا ... للموت بين ضلوعهم يسري
لا ليلهم ليل فيلبسهم ... فيه غواشي النوم بالسكر
إلا كرى خلساً وآونة ... حذر العقاب فهم على ذعر وتتمثل في النثر كما تتمثل في الشعر؛ يقول أو حمزة في خطبته: " شباب والله مكتهلون في شبابهم، غضيضة عن الشر أعينهم، ثقيلة عن الباطل أرجلهم، أنضاء عبادة وأطلاح سهر، فنظر الله إليهم في جوف الليل منحنية أصلابهم على