للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ص:  >  >>

ثورة صنهاجة ضد تسلط اليهود بعامة وابن النغريلة بخاصة في شئون دولة بني زيري، وكانت قصيدته:

ألا قل لصنهاجة أجمعين ... بدور الزمان وأسد العرين الشرارة التي اذكت نار الثورة يومئذ، وبسبب صراحته ووقوفه وقفة صلبة كان باديس قد نفاه قبل تلك الحادثة من غرناطة إلى البيرة.

ولئن وصلتنا نتف يسيرة من شعر ابن العسال، فان لأبي إسحاق ديوانا كاملا قد وصلنا، وهو يحوي اثنين وثلاثين بين مقطوعة وقصيدة، وقد وجدت له مقطعات أخرى لم يحوها ديوانه مما يدل على انه لا يمثل جميع ما خلفه الالبيري من نتاج شعري. وفي قصائده واحدة يعرض فيها بأحد الفقهاء، لأنه كان يطلب الكيمياء وأخرى في رجل يجر ثيابه خيلاء وثالثة يندب فيها خراب البيرة ورابعة يرثي فيها زوجه واثنتان في المدح واثنتان يرد فيهما على تهجم من عاب اثنين من أصدقائه وواحدة في تحريض صنهاجة على اليهود، وكل ذلك يدل على مدى مشاركته في الحياة الاجتماعية يومئذ مثلما يدل على ان انقطاعه الزهدي لم يكن عزلة سالبة الطابع.

وقد يكون في قصائده الزهدية تذكير ووعظ وتخويف من الموت ونصح بالتخلي عن المال والجاه، ولكن ذلك لا يقف أبدا في مقابل العنصر الذاتي والتلوم النفسي واستشعار الانقسام بين قوة الموت وحب الحياة، في كثير من قصائده. وعندي أن الالبيري قد وصل بشعره الزهدي في الأدب العربي؟ لا في الأندلسي فحسب - إلى قمة، بما أضفى عليه من حرارة الوجد والانفعال والإقرار بالضعف الإنساني أمام مغريات الحياة ومكافحة الشهوة العارمة. فإذا بكى نفسه أحسست بأنه ينتزع

<<  <   >  >>