للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ص:  >  >>

الشاب دون الشيخ، فانه مما قد يؤخذ سببا لتعليل غضب ولادة على ابن زيدون، إذ أنها أنفت من أن يتهمها هذا الاتهام في سبيل ان يرجح كفته على ابن عبدوس، فاختارت ابن عبدوس نكاية به وتقريعا له ودفعا لهذه التهمة.

ما حصيلة ذلك كله والحديث عن الغزل؟ من حيث هو فن - رائد هذه الفقرة لا الحديث عن حب ولادة وابن زيدون وشخصيتهما؟:

ظاهرة هامة تركت طابعها على شعر ابن زيدون في الغزل؟ وفي غير الغزل أيضا - حين أصبحت قصة الحب وما جرته من ذيول حادثة ملهمة له وتلك هي ان القصيدة قد أصبحت " رسالة " تكتب، لا وصفا للمرأة ولا كلفا بالمناجاة الذاتية. وكان من دواعي هذا الموقف ان تتخذ سياقا عاطفيا وفكريا محددا بحدود الرسالة نفسها، فقصيدته " أضحى التنائي بديلا من تدانينا " وقصيدته " أني ذكرتك بالزهراء مشتاقا " وقصيدته " لئن قصر اليأس منك الأمل " وتلك التي خاطب بها ابن عبدوس " أثرت هزبر الشرى إذ ربض " وغير هذه القصائد إنما هي جميعا في قالب رسائل.

حادثتان اذن تشابهتا في أن فرضتا على ابن زيدون مسلكا واحدا هما حادثة الحب وحادثة السجن، وفي كلتيهما نرى ابن زيدون محتجبا وراء المسافة، يكتب رسائل، محددة المعالم مرتبة الأفكار، متراوحة بين الاعتدال والثورة، مزودة بقوة الانتقاء اللفظي وحلاوة الجرس الموسيقي.

فإذا أضفت إلى هاتين الحادثتين عمله الديواني تبين لك ابن زيدون " كتابا " في كل حالة، كاتبا ناجحا، ورسالته شعرية حينا نثرية حينا آخر، حتى انك لو أطلقت على عظم ديوانه اسم " رسائل ابن زيدون " لما كنت بعيدا عن الصواب. وقد كان المتوقع أن تقوى في شعره؟ وفي

<<  <   >  >>