للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ص:  >  >>

تجر ذيول العلي تأثما ... وجدكم الجازر الأكبر (١) ولم تكن رسالة ابن غرسية مثارا لرد الجزار الذي نقدر صدوره عنه بل رد عليه آخرون برسائل مطولة، ومنهم من كان من معاصريه ومنهم من جاء بعد عصره، فمن معاصريه - عدا الجزار - آبو جعفر احمد بن اللدودين ألب لنسي وابن من الله القروي سمي رده " حديقة البلاغة " وابن آبى الخصال، في رسالة سماها: " خطف البارق وقذف المارق في الرد على ابن غرسية الفاسق ". وممن رد عليه بعد زمن طويل آبو يحيى بن مسعودة في عصر الموحدين والفقيه آبو مروان عبد الملك بن محمد الاوسي وابن الفرس وعبد الحق بن فرج وأبو الحجاج اليلوي (٢) وهنالك رد لمجهول نحسبه معاصرا لابن غرسية.

ويتجلى من هذا ان قيمة رسالة ابن غرسية في الأدب الأندلسي ليست قيمة في ذاتها وإنما هي بمقدار ما أثارته حولها من ردود، وتدل كثرة الردود من جانب واحد على رسالة واحدة، ان الشعور بالعروبة كان قويا في الأندلس على مدى الزمن، وان السند الشعوبي لم يكن على شيء من القوة الأدبية.

ويستهل ابن غرسية رسالته متهكما بابن الجزار " ذي الروي المروي، الموقوف قريضه على حللة أرش اليمن بزهيد الثمن، كأن ما في الأرض من إنسان إلا من غسان أو من آل حسان ". ويتهمه بأنه إنما انقطع


(١) في بعض المصادر ان اسمه " الجزار " ولكن هجاء ابن غرسية هذا يدل على ان " الجزار " هو الصواب.
(٢) انظر المجموعة الثالثة من نوادر المخطوطات ٢٣٦ - ٢٤٠، وقد نشر الأستاذ عبد السلام هارون رسالة ابن غرسية والردود عليها في هذه المجموعة اعتمادا على مخطوطة الاسكوريال، وقد راجعت هذه المخطوطة نفسها وهي التي يشار في المصادر باسم " رسائل اخوانية ".

<<  <   >  >>