للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ص:  >  >>

المولدين، وانه لم يجد التعبير الكافي عنه يومئذ في غير المماحكات القائمة على العصبية؛ في ذلك العصر ألف بعضهم كتابا سماه " الاستظهار والمغالبة على من أنكر فضل الصقالبة " ولكنا لا الاسم، ولعله إنما كان دفاعا لا هجوما، فأما حين استقلت دولت الطوائف، فقد اصبح التصريح بالثورة العنصرية على العرب أمراً ممكنا، وكانت الرسالة النثرية هي القالب الذي استغل للتعبير عن تلك الثورة؛ ففي ظل أبي الجيش مجاهد العامري أحد الموالي الصقالبة نشأ أبو عامر احمد بن غرسية، أقوى صوت شعوبي في الأندلس، بل لعله الصوت الوحيد الذي سمعناه وكان أبو عامر نفسه حسما ذكر ابن سعيد، من أبناء نصارى البشكنس سبي صغيرا وأدبه مجاهد مولاه (١) ، وظل على موالاته لابن مجاهد الملقب إقبال الدولة (٢) ، وكانت بينه وبين أبي جعفر بن الجزار صحية أوجبت أن استدعاه من خدمة المعتصم بن صمادح ملك المرية، منفندا رأيه في ملازمة مدحه وتركه ملك بلاده (٣) . وفي رسالته هذه إليه أعلن عن شعوبيته فذم العرب وافتخر بالعجم بني قومه، وأغلب الظن أن الجزار رد عليه، ونقض كلامه، ففسدت الصداقة بينهما حتى هجاه ابن غرسية بقوله:

بطرفة تعلم أصلا له ... عربت فسلها فما تنكر

ومثل بها وضما مائلا ... وشفرة جزر ولا أكثر


(١) المغرب ٢: ٤٠٦ - ٤٠٧.
(٢) المغرب ٢: ٣٥٥.
(٣) المغرب ٢: ٤٠٨

<<  <   >  >>