أعباد ضاق الذرع واتسع اخرق ... ولا غرب في الدنيا إذا لم يكن شرق " ومن فصول تلك الرسالة أيضا: " وما زلت اعتدك لمثل هذه الجولة وزرا، وادخرك في ملحها ملجأ وعصرا، لدلائل أوضحت فيك الغيب وشواهد رفعت من أمرك الريب، فالنهار من الصباح، والنور من المصباح ولئن كان ليل الفساد مما دهم قد اغدت جلبابه، وصباح الصلاح بما ألم قد أهابه، فقد كان ظهر قديما من اختلال الأحوال ما أيأس، وتبين من فساد التدبير ما ابلس، حتى تدارك فتق ذلك سلفك، فرتقه جميل نظرهم ورأبه، وصرفه مشكور أثرهم وشعبه ". ويبدو أنها رسالة طويلة، اكتفى ابن بسام بإيراد فصول مختارة منها، وكان جواب عباد عليها ان شجع الهوزني إلى بلده، وقتله بيده، إذ كان يخشى منافسته له في أمر السيادة. ولعل عبادا ظن ان حض الهوزني له على الجهاد لم يكن إلا نوعا من التوريط، فإذا حارب واخفق كسرت هيبته لدى ملوك الطوائف، وإذا لم يحارب كشف عن تقاعسه في الدفاع عن حوزة الدين.
ودخلت مشكلة بربشتر في طور " رسمي " فتناولها ابن عبد البر في " منشور " كتب على لسان أهل بربشتر ووزع على أنحاء الأندلس تعميما للشعور بالمشكلة واستنهاضا وتنبيها. وبعد التحميد يقول على لسانهم: " فأنا خاطبناكم مستنفرين، وكاتبناكم مستغيثين، وأجفاننا قرحى، وأكبادنا جرحى، ونفوسنا منطبقة، وقلوبنا محترقة "؛ ثم يحاول ان يستثير الهمم لنصرة بربشتر فيصف الفواجع التي حلت بها وبأهلها: " وذلك أنه أحاط بنا عدونا كإحاطة القلادة بالعنق، وحاربنا حتى ظفر بنا، فانا لله وانا إليه راجعون، على ما تراءت منا العيون، من انتهاب