للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ص:  >  >>

أقول واني مهطع خوف صيحة ... يجيب بها كل إلى الله داعيا

أسير جبال وانتثار كواكب ... دنا من شروط الحشر ما كان نائيا ولكن ما حسبه هذان الشاعران الوفيان من " أشراط الساعة " لم يكن إلا تحولا صغيرا في تاريخ الناس. نعم مات المعتمد الذي استحق الرثاء وهو حي، ثم انصرف كل واحد منهما يطلب من جديد في ظل ممدوح جديد، لا من نسيان أدركهما وإنما هي طبيعة الحياة الإنسانية، تعثر بالموت لتجدد وتمضي في طريق الاستمرار. فأما ابن حمديس فلجأ إلى زيري بأفريقية، وأما ابن اللبانة فانحاز إلى مبشر ابن سليمان صاحب ميورقة. وبينما كان هذان الشاعران يذرفان الدموع على الصديق المحبوب كان شعراء آخرون يرحبون بالسلطان المرابطي في قصائد تحمل كل معاني الفرحة والاستبشار والشماتة معا. ولكن هذا الشعر الرومنطيقي الذي وقف يحيي العظمة الزائلة سيظل أقوى صورة حزينة في الأدب الأندلسي أثارها الوفاء لا الرجاء، وبعثتها صدمة الموت لا انفتاح الحياة! ولقد كانت المشكلة التي تلح على خيال الفرد الأندلسي بقوة الوضع الإنساني عامة والوضع الأندلسي القلق على حافة التغير والتشرد والموت، هي مشكلة المصير النهائي. وفي هذا المجال قدم الأدب الأندلسي نماذجه الكبرى من مراث متفلسفة وبكاء على المدن الزائلة، وتوجع للعظمة المندثرة، والصداقة المتلاشية، والجمال الآيل إلى نضوب.

١٠ - وصف الطبيعة:

كان وصف الطبيعة في العصر السابق نوعا من الاحتذاء لبعض أشعار

<<  <   >  >>