للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ص:  >  >>

المشارقة، ولكن الأندلسيين تميزوا بالإكثار من وصف الأزهار، حتى ألف حبيب الحميري كتابه " البديع في وصف الربيع " يحدوه إلى ذلك إهمال أهل بلده في تسجيل شعرهم وجمعه، وشيء من سأم لما قرأ في هذا الباب من أشعار المشارقة، واعجابه بالتشبيهات التي تمت لأهل بلده، في مدى قصير من الزمان، إذا قيس بعمر الشعر في المشرق؛ وقد عاش حبيب في عصر المعتضد بن عباد، وتوفي وهو ابن اثنتين وعشرين سنة فهو يمثل الفترة السابقة مثلما يمثل أوائل عهد الطوائف. وترتيب كتابه يدلنا على الاتجاه العام الذي سلكه شعر الأندلس؟ حتى عهده - في وصف الطبيعة. فالفصل الأول فيه يتناول موضوع وصف الربيع عامة، والثاني: ما فيه وصف لعدة أزهار، وفي هذا الفصل تتجلى القضية التي أثارها ابن الرومي في المفاضلة بين الأزهار. ولحبيب نفسه رسالة يرد فيها على ابن الرومي، في تفضيل البهار على الورود؛ ثم قطع في تفضيل الخيري على البنفسج، أما الباب الثالث فمخصص للقطع التي تختص كل واحدة منها بنوع واحد من النوار كالآس والياسمين والنيلوفر ونور اللوز ونور الباقلاء والكتان وهكذا.

ويتجلى من القطع التي حشدها حبيب أنا لم تنظم خصيصا لوصف الطبيعة، وإنما كان بعضها مقدمة لقصيدة المدح، وكان بعضها محض صورة اجتزئت من قصيدة طويلة. فمن وصف الربيع في مقدمة قصيدة مدح قول ابن الابار؟ وغرضه التخلص لمدح الحاجب - (١) .

لبس الربيع الطلق برد شبابه ... وافتر عن عتباه بعد عتابه

ملك الفصول حبا الثرى بثرائه ... متبرجا لوهاده وهضابه


(١) البديع: ٢٤.

<<  <   >  >>