للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ص:  >  >>

بالتوشيح، أي هو تجزئة في وحدتين أو ثلاث أو أكثر، ومقابلة هذه الوحدات بأخرى شبيهة بها. فالموشح في الشعر ذو أغصان، والمغصن في النثر ذو فروع وأغصان كذلك. وهذا التفريغ؟ أو التخطيط المجزأ - هو سبب التسمية في كل منهما. ويزداد الأمر وضوحا إذ ذكرنا قول ابن بسام في وصف نشأة الموشحات أنها كانت تعتمد على لفظ عامي أو عجمي من غير " تضمين فيها ولا أغصان " فالتضمين هو هذه التجزئة أو التغصين بالمقابلة بين الأجزاء الصغيرة في نطاق رقعة واحدة، أي ان التضمين هو صف الجزيئات التي تكون كلا واحدا. وعلى ذلك يمكن أن نقول أن ألفاظ: التوشيح، والتضمين، والتغصين (أو الموشح والمضمن والمغصن) تشير جميعا إلى عملية واحدة. أضف إليها لفظة أخرى هي التسميط (أو المسمط) وتعني الانتظام في صفوف غير أن ولوع الأندلسيين بذكر المجوهرات والحلي وصنوف الزينة في مؤلفاتهم وأسمائها صرف الذهن إلى معنى التراوح بين الجوهر واللؤلؤ في تركيب الوشاح وهو من حيث الشكل لا يوحي بترتيب المنظومة التي سميت الموشحة.

٤ - نشأة الموشحات:

يفهم من كلام لابن خلدون ان التوشيح سابق لفن الزجل اذ يقول: " ولما شاع فن التوشيح في أهل الأندلس، وأخذ به الجهور لسلاسته وتنميق كلامه وترصيع أجزائه نسجت العامة من أهل الأمصار على منواله ونظموا في طريقته بلغتهم الحضرية من غير ان يلتزموا فيها اعرابا، واستحدثوه فنا سموه الزجل " (١) . وهذا قول يستدعي توقفا ومراجعة،


(١) تاريخ ابن خلدون ذ: ٥٢٤، وأزهار الرياض ٢: ٢١٦.

<<  <   >  >>