الخيمة وقال " مرحبا بالسراة السراة، وبالوجوه الوجوه، انزلوا في رحب وسعة " وعندئذ أخذ فتح بسائل عن زعيم المحلة حتى عرف انه القائد الأجا أبو عبد الله بن ميمون " سيف هذه الملة، وحتف الطائفة الضالة المضلة " وسأل الرجل عنه فوصفه له واثنى عليه: " إن حابى فكرم للمال مبير، أو احتبى فيلملم أو ثبير "، ولما وصف الرجل بعض حليته وأدواته سأل فتح أن يصف له بعض غزواته فوصف له قدرته في الغزو البحري. فلما انتهى من وصفه ذكرته بلاغته ببلاغة صاحبه سعد ابن منصور " فحذر القناع عن صبح متلثم، ونطق غير لكن ولا تلعثم، فشممت رياه، وشمته فإذا هو إياه، وقلت: سعد؛ قال: سعد جمعتنا الليالي على غير وعد، والأمر لله من قبل ومن بعد ".
وواضح أن الغية من المقامة هو مدح القائد ابن ميمون وذكر شجاعته في الحروب البحرية، والإطار الخارجي من فراق الصديقين ولقائهما يبدو مصطنعا غير ملائم، لأن اتخاذ صور مكانا لأول لقاء ثم تعريف الرجل المشرقي وهو الصوري بقائد مغربي يبدو واضح الافتعال. ولكن المقامة من أخف المقامات أسلوبا وألطفها عبارة.
١٠ - المقامة الدوحية أو العياضية الغزلية:
يتصل منشئها أبو عبد الله محمد بن عياض اللبلي بصدر دولة الموحدين فهو لاحق بأواخر هذا العصر الذي نتحدث عنه. وأولها:" قال ميزان الأشواق، ومعيار المحبين والعشاق، نبت بي معاهد الاحباب، في ريعان الشباب، لقينة أذكت نيرانها، وألقت بمسقط الرأس جرانها، فامتطيت الليل طرفا، ومزقت السنان طرفا ". ويصف اللبلي تنقله محمولا على جناح القلق منحدرا أو صاعدا وكان يكلف " بالبلدة الحمراء " لما عرف من طيبها وخصبها