للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ص:  >  >>

وجود عدد غير كثير من الأساتذة. ولكن هذه الظاهرة تدل على شيء من الحرية والتقدم: " فلم تزل الرغبة ترتفع من حينئذ في طلب العلم القديم شيئا فشيئا، وقواعد الطوائف نتحضر قليلا إلى وقتنا هذا، فالحال بحمد الله أفضل ما كانت بالأندلس في اباهة تلك العلوم والاعراض عن تحجير طلبها " (١) إلا أن هذه الحرية كانت تحتاج أمنا وسلما، وكانت خواطر الناس مشغولة بما يدهم من أخطار خارجية (٢) . وقد ينجلي لنا معنى هذه الحقيقة اذا تذكرنا أن أكثر النواحي احتفالا بتلك الدراسات هما طليطلة عاصمة بني ذي النون، وسرقسطة عاصمة بني هود، وكلتاهما على مقربة من الخطر الخارجي. أما اشبيلية فكانت حالها كما قال المراكشي في وصف المعتمد بن عباد: " وكان مقتصرا من العلوم على علم الأدب وما يتعلق به وينضم إليه " (٣) .

فكان من العلماء بطليطلة (٤) . أبو الوليد بن الوقشي، وقد لقيه صاعد بتلك المدينة عام ٤٣٨ وكان يجمع إلى علوم اللغة والفقه معرفة بصناعة الهندسة والمنطق؛ وابو جعفر ابن منيح أحد المعتنين بعلم الهندسة والنجوم والطب؛ والقويدس، تأدب في طليطلة، وبرع في علوم العدد والهندسة والفرائض، ودرس في تلك المدينة زمانا طويلا؛ وأبو اسحاق ابراهيم بن يحيى التجيبي، النقاش المعروف بولد الزرقيال، وكان بصيرا بعلم الفلك. وفيه يقول سانشذ بيريذ: " إنه يعتبر من أعظم أهل الفلك من العرب، وهو من طبقة أكابر علماء هذا الفن في العصور


(١) طبقات الأمم: ٧٦.
(٢) المصدر نفسه ٧٧.
(٣) المعجب: ٦٣.
(٤) كل هذه الفقرة عن علماء طليطلة وسرقسطة ترتيب للمادة التي وردت عند صاعد ٨٠ - ١٠٠، وقد نقل عنه ابن أبي أصيبعة ٣: ٧٨ - ٨٥.

<<  <   >  >>