للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

المجدين الكريم الطرفين يحيى بن ذي النون (١) .

وأما الشاعر الواعي فانه بكى قرطبة قليلا وتحسر على ما فات وتلدد في تيه الضياع زمنا يفتش عن الحامي الذي يرتزق من عطاياه، وينفق لديه سلعته، وما لبثت الأمور ان عادت تجري مجرها، واذا كل أمير لدى أي شاعر هو أعظم الناس وأكرمهم وأشجعهم جنانا ولسانا، وأصبح الشاعر كالفقيه الصنيعة والمؤرخ المحدود الأفق، بل فاقهما في توسيع الهوة بين الحاضر والماضي، وفي " التسوير " حول أميره بسياج من الثناء الطويل العريض، سياج يوهم به صاحبه انه حقيق بخير ما تمنحه الأقدار، وانه كفاء بما بين يديه وما دونهما، وذلك ترسيخ لمعنى الفرقة، وقصر نظر عن التمرس بالمشكلة العامة. ولولا إثارة من شكوى سوء الحال يومئذ لكان الشعر الأندلسي مغلفا على المتطلبات الصغيرة التي تستدعيها المناسبات كأن يتبارى شعراء بطليموس في وصف فرس للمتوكل في كفله ست نقط (٢) ، أو يكدون قرائحهم لوصف الأعذار الذنوني (٣) . ولكن لم يحن الحين للحديث عن الشعر، فلذلك موطن آخر.


(١) المصدر نفسه ٨٨.
(٢) الذخيرة - القسم الثالث (المخطوط) الورقة: ١٨٨.
(٣) الذخيرة ٤/١: ٩٩ وما بعدها.

<<  <   >  >>