للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ص:  >  >>

فأصبح ابن حمديس بذلك من المنتمين إلى بلاطه.

ولما استقر أبو الفضل البغدادي ند المأمون بن ذي النون بطليطلة أحرى له ستين مثقالا في الشهر، واستمر يدفع هذا الرسم لحاشيته بعد وفاة البغدادي (١) .

ج - الشعراء الجوالون: وهم الذين يطوفون على الأمراء مادحين متكسبين بأشعارهم، وهم أكثر عددا من الطبقتين السابقتين، وقد يتحول احدهم من حال التجوال إلى حال الاستقرار والانتماء، فيضمن بذلك رزقا دائما مقدرا، كما فعل ابن شرف القيرواني، فانه بعد ان طاف على ملوك الأندلس آوى إلى كنف المأمون ابن ذي النون. وربما قيضت له شخصيته وظروفه أن يرتفع من هذه الطبقة إلى الطبقة الاولى، وهذا نادر، وأبرز مثل على ذلك حال ابن عمار، فقد كان قبل ارتقائه قمة الحياة السياسية شاعرا خاملا قد " امترى اخلاف الحرمان، وقاسى شدائد الزمان، وبات بين الدكة والدكان، واستجلس دهليز فلان وابي فلان " (٢) ، وقد روى ابن بسام كيف تصدى ابن عمار بالمدح إلى أحد أعيان شلب فأجازه بمخلاة شعير وقال له: خذ ما حضر، وأنت احق من عذر (٣) . ومن الغريب ان يقول ابن بسام ان الشعر كان ايام نشأة ابن عامر نافقا وانه كان طريقا إلى الجاه والمال.

وقد كان بعض هؤلاء الجوابين يمعن في تطوافه مستجديا مكديا كما


(١) الذخيرة ٤/١: ٦٩.
(٢) الذخيرة - القسم (المخطوط) : ١٤٧.
(٣) المصدر نفسه: ١٤٨.

<<  <   >  >>