للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ص:  >  >>

يقول فيها: " من دفعته الأيام؟ أعزك الله - إلى التقلب في الأقطار، والتكسب بالأشعار، لم يخف عليه موضع الاحرار، في النجود والاغوار، على أن رسم الشعر قد درس أو كاد، ومرتاد البر قد عدم المراد "؟ وفي كل هذه الرسائل تصوير لاختلال أحوال هؤلاء الشعراء وحاجتهم إلى تميمة يستفتحون بها مغالق الكبراء؛ بل أن مثل هذه التوصية كان يحتاجها شعراء مشهورون ذوو سهم نافذ في الشعر والكدية، كتوصية كتبها أبو الفضل بن حسداي من اجل الحسن الحصري، واخرى كتبها أبو الربيع سليمان القضاعي عناية بالشاعر ابن ارقم (١) .

وكان شعراء آخرون يستغنون عن الارتحال بإرسال قصائدهم إلى الممدوحين مكتوبة، منتظرين ان تبلغهم الصلات إلى منازلهم. وعلى الرغم من أن ابن شرف انتجع كثيرا من الأمراء إلا أنه تحاشى الوفود على المعتضد، وعز عليه في الوقت نفسه أن لا ينال جوائزه، فكان يكتب إليه الشعر وينفذه على أيدي الرسل؟ بعث إليه خمس قصائد ورسالة إلى ابن زيدون ليرفع إليه تلك القصائد فأجازه بثلاثين مثقالا (٢) ، وارتقب المعتضد وفوده إليه، ولكن ابن شرف كان يتخوف جنابه فأرسل إليه كتابه " أعلام الكلام " بعد أن وسمه باسمه فجاءته صلة مقدار مائة مثقال (٣) . وكتب عبادة القزاز قصيدة يمدح بها المعتمد بن عباد ثم رفعها إلى أبي بكر الخولاني المنجم ليقدمها بدوره إلى الممدوح، وقال له في أثناء رسالة: " فلك الفضل في توصيل ذلك إليه وتقبيل الكريمتين؟ أعني يديه -، فان نجح السعي وساعد فمن عندك أرى ذلك، فأنت


(١) الذخيرة - القسم الثالث (المخطوط) : ١٦٢، ١٦٦.
(٢) الذخيرة ٤/١: ١٣٥، ١٣٧.
(٣) المصدر السابق: ١٤٢.

<<  <   >  >>