للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

ودقة حكمه حين أورد أمثلة من بدائه المشارقة وشفعها بمرتجلات للأندلسيين ثم أكد " أن البديه والارتجال في هذه الأشعار الأندلسية لم يلحق بالأشعار المشرقية، ولا فيها كبير طائل " (١) .

ولسنا نستطيع أن نحدد عند غير ابن بسام؟ على قصور في آرائه جملة - " موقفا " نقديا ذا شمول إلا أن ابن خفاجة كان أوضح الشعراء مذهبا قي النقد حين وقف يدافع عن مذهبه الشعري؛ فهو يقرر أن الشعر، وأن جوده صاحبه، منقسم في طرفين ووسط، وأن كلال الشاعر يظهر في الطرف الثاني أي خاتمة القصيدة. ويقول: " والشعر يأتلف من معنى ولفظ وعروض وحرف روي، فقد يتعاصى في بعض الأمكنة جزء من هذه الأجزاء أو أكثر، فطورا ينظم البيت وآونة ينثر " (٢) . ويرى ابن خفاجة أن الشعر، جيدا كان أم رديئا، يجد من يطعن عليه، سواء أكان الطاعن منصفا أو متحيفا. ويذكر أن في بلده ناسا ليس لديهم مقياس نقدي سوى مقياس " الجزالة "، وأنهم يستعملون هذا المقياس وحده في كل موضوع مدحا كان أو غزلا أو مجونا، ويدافع ابن خفاجة عن الرقة التي استمدها من محاكاة عبد المحسن الصوري والشريف الرضي ومهيار الديلمي، كما يقر بأنه حاكى أبا الطيب في بعض شعره، إلا أن له أشعاراً أخرى أصيلة ساقها على غير مثال.

ويحاول في بعض المواقف أن يشير إلى المصدر الذي استقى منه هذا المعنى أو ذاك فيقول ان قوله: " ونزلت اعتنق الأراك مسلما " ينظر إلى قول أبي الطيب:

نزلنا عن الاكوار نمشي كرامة ... لمن بان عنه ان نلم به ركبا


(١) المصدر السابق نفسه.
(٢) ديوان ابن خفاجة: ٩.

<<  <   >  >>