للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

" فيا لهذا البيت ما أحسن مذهبه، وأبدع مثواه ومنقلبه، إلا إنه أتى بالدهر مسلوب الضحى والأصائل، فلم يزد على أن جلاه في زي عاطل، وأبرزه في مسوح شوهاء ثاكل، وليت شعري أي شيء أبقى للدهر المطلوم، بعد صحاه الناصعة الأديم، وآصاله المعتلة النسيم، هل بقي إلا ليله الأسود الجلباب، وهجيره السائل اللعاب! ولو قال لممدوحه: وتلك العلى فيها الضحى والاصائل، لأبرز قصيدته رفافة البرود شفافة العقود (١) ".

وأثنى على قصيدة لأبي الحسن بن اليسع فدل على المقياس العام الذي يحكم به على الشعر إذ قال: " وهذا رداء الديباج الخسرواني، ورونق العصب اليماني، ولمثله فلتنشرح الصدور، ويتشوف السرور، ويذعن المنظوم والمنثور، ألا ترى ما آنق استعاراته وأرشق إشاراته، وأقدره على الإتيان بالتشبيه دون أداته (٢) ".

وفي كل خطوة نحس أن ابن بسام يأخذ بأسباب الإنصاف محققا بذلك قوله في المقدمة: " وما قصدت به، علم الله، الطعن على فاضل ولا التعصب على قائل " (٣) كما انه يصرف اهتمامه إلى ناحيتين، بشكل خاص، هم: البديع " الذي هو قيم الأشعار وقوامها، وبه يعرف تفاضلها وتباينها " (٤) والوقوف عند مظاهر البديهة والارتجال " فهي نحوي في هذا المجموع الذي انتحيت، وطلقي الذي إليه جريت " (٥) ، وانا لنشهد إنصافه


(١) المصدر السابق نفسه: ٢٥٣.
(٢) الذخيرة ١⁄٢: ٣٢٠ - ٣٢١.
(٣) الذخيرة ١/١: ٥.
(٤) الذخيرة ١/١: ٦.
(٥) الذخيرة ٤/١: ٣.

<<  <   >  >>