للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

وقد قدح أهل النقد في المتنبي بخروجه في الاستعارة إلى حيز البعد كقوله:

مسرة في قلوب الطيب مفرقها ... وحسرة في قلوب البيض واليلب (١) وهو يحس معنى الشذوذ في الجمع بين التعزية والمدح الكثير للمغزى فيقول: " وليس من عادة أئمة الشعراء المقتدى بها الإكثار من مدح المعزى في تأبين حميمه المتوفى، وإنما يلمون به إلماماً بعد التوفر على ندبة ميته والإشباع في ذكر ما فقد من خصاله، ثم الكر على تستكين جأشه، وحضه على التعزي اتقاء لربه؟ هذه طريقة قدماء الشعراء " (٢) .

ويتكئ ابن بسام في اكثر نقده على إظهار اطلاعه في ميدان الشعر، ولذلك تجده يرد المعاني إلى أصولها، ويحسن استكشاف الأخذ والسرقة مهما تكن دقيقة، ولا يزال يعتقد؟ مع ابن شهيد - أن أفضل ضروب الأخذ ما غير فيه الشاعر الآخذ القافية والروي بحيث يخفى معناه (٣) . ويستحق الشاعر لديه الثناء الكثير إذا وقع له بيت أحسن توليده؟ أورد بيتا لحسان بن المصيصي ثم قال: " وهذا البيت لحسان من حسنات شعره، وأبين آيات ذكره، فيه توليد، شهد انه شاعر مجيد " (٤) . وله على بعض الأبيات تعليقات فذة، فمن ذلك قوله معلقا على بيت لشاعر يصف فيه قصيدته التي قدمها للممدوح:

عليك أبا عبد الإله خلعتها ... لها البدر طوق والنجوم غلائل

وما هي الا الدهر في طول عمرها ... وإن لم يكن فيها الضحى والأصائل


(١) الذخيرة ١⁄٢: ٣٣٥ - ٣٣٦.
(٢) الذخيرة ١⁄٢: ٣١٨.
(٣) الذخيرة ١/١: ٢٧٦.
(٤) الذخيرة - القسم الثاني (المخطوط) : ٧٦.

<<  <   >  >>