للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

" وهذا كلام من الإلحاد، على غاية الاضمحلال والفساد (١) "

ويلحق بهذه النزعة الدينية سخط ابن بسام على الشعر حين يبتعد به صاحبه عن " الصدق " الواقعي، فقد أورد أبياتاً لأبي بكر الداني يتحدث فيها الشاعر عن تضحية ممدوحه في سبيل الدين:

في نصرة الدين لا أعدمت نصرته ... تلقى النصارى بما تلقى فتنخدع

تنيلها نعما في طيها نقم ... سيستضر بها من كان ينتفع أي أن الممدوح يدفع الجزية للروم من اجل نصرة الدين فيخدعهم بها ويطيعهم اياها في شكل نعمة وهي في حقيقتها نقمة عليهم. فيثور ابن بسام لهذا الادعاء الفاجر ويقول: " وهذا مدح غرور، وشاهد زور، وملق معتف سائل، وخديعة طالب نائل، وهيهات! بل حلت الفاقرة بعد بجماعتهم، حين أيقن النصارى بضعف المنن، وقويت أطماعهم بافتتاح المدن، واضطرت في كل جهة نارهم، ورويت من دماء المسلمين أسنتهم وشفارهم " (٢) .

لذلك نرى في ابن بسام ناقدا يسلك محجة المحافظة والتمسك بالمقاييس الموضوعة، فهو يأبى أن يدرج الموشحات في كتابه، وينفر من الاستعارات البعيدة لدى شعراء عصره: " كيف لو سمع الصاحب استعارات أهل وقتنا، كقول المهدوي ابن الطلاء: " بقراط حسنك لا يرثي على عللي " وقول حسان بن المصيصي:

إذا كانت جفانك من لجين ... فلا شك الغنى فيها ثريد


(١) الذخيرة - القسم الثاني (المخطوط) : ٢٩٥ - ١٩٦.
(٢) المصدر نفسه: ١٠٢.

<<  <   >  >>