حمل عليه بشدة وقال: والسميسر في هذا الكلام ممن اخذ الغلو بالتقليد، ونادى الحكمة من مكان بعيد، صرح عن ضيق بصيرته، ونشر مطوي سيرته، في غير معنى بديع، ولا لفظ مطبوع، ولعله أراد أن يتبع أبا العلاء، فيما كان ينظمه من سخيف الآراء، وهبة ساواه في قصر باعه وضيق ذراعه. اين هو من حسن إبداعه ولطف اختراعه؟ (١) .
وأورد أبياتاً فلسفية لأبي عامر بن نوار الشتريني يقول فيها:
يا لقومي دفنوني ومضوا ... وبنوا في الطين فوقي ما بنوا
ليت شعري إذ رأوني ميتا ... وبكوني أي جزأي بكوا
ما أراهم ندبوا في سوى ... " فرقة التأليف " إن كانوا دروا فشفعها بهذا التعليق: " وهذا معنى فلسفي، قلما عرج عليه عربي، وإنما فزع إليه المحدثون من الشعراء، حين ضاق عنهم منهج الصواب، وعدموا رونق كلام الاعراب، فاستراحوا إلى هذا الهذيان، استراحة الجبان، إلى تنقص أقرانه، واستجادة سيفه وسنانه. وقد قال بعض أهل النقد: انه عيب في الشعر والنثر أن يأتي الشاعر أو الكاتب بكلمة من كلام الأطباء، أو بألفاظ الفلاسفة القدماء، وأني لأعجب من أبي الطيب على سعة نفسه، وذكاء قبسه، فأنه أطال قرع هذا الباب، والتمرس بهذه الأسباب، وكذلك المعري: كثر به انتزاعه، وطال إليه إيضاعه، حتى قال فيه أعداؤه وأشياعه، وحسبك من شر سماعه، وإلى الله مآله، وعليه سؤاله ". ثم نقل في أثر ذلك أبياتاً لأبي غسان المتطبب وقال: