ابن حفصون وهو أيضاً من المسالمة، هذا إلى ثوار آخرين من بيوتات البربر والعرب. واشتعلت الفتنة بين العرب والمولدين بكورة البيرة واجتمع العرب إلى زعامة سوار بن حمدون القيسي ثم إلى سعيد بن جودي من بعده، وترأس المولدين رجل يدعى " نابل " ونشبت بين العرب والمولدين ثورة أخرى بأشبيلية وهكذا حتى كان كل شيء ينذر بتصدع أمر الأندلس. ومن هنا نرى ان نواة الانقسام الذي تم بعد الفتنة البربرية كانت موجودة في تكوين الدولة نفسها. ولقد استطاع الناصر ان يحقق للدولة شيئا من النصر في الداخل والخارج، وان ينعم ابنه الحكم بثمرات السلم وينصرف إلى الاهتمام بالعلوم، ولكن ما كاد المنصور بن أبي عامر يقبض على زمام الأمور حتى صرف همه من جديد إلى تحقيق السيادة بالغزو المتواصل، ومشى ابنه المظفر في آثاره، ثم عاد الأمر ابان الفتنة إلى الفوضى واشرأبت الميول الانفصالية من جديد. هل كانت طبيعة التفكك ناشئة عن الخلل في الإدارة الأموية؟ هل كانت من كثرة الأعداء الخارجيين؟ هل نشأت عن عدم الانصهار بين الأجناس المتباينة في الداخل؟ هل للوضع الجغرافي أثر في كل ذلك؟ هذه وغيرها أسئلة من حق المؤرخ ان يجد الأجوبة عليها ولكن هذه المقدمة الصغيرة تضيق عنها.
على أنا يجب ان ننصف هؤلاء الأمويين في أشخاصهم وفي مدى إخلاصهم غير المصطنع ليمثلوا دور الحكام المسؤولين، العارفين بحدود ما يجب عليهم نحو رعاياهم. فربما كانوا في جملتهم خير مثل للحكام الذين يعملون لخير الرعية دون أثره واستبداد، ويغلبون الجانب الديمقراطي على جانب الحكم المطلق، وينظرون إلى الأمور؟ في الأكثر - من خلال العدالة والتقوى أكثر من نظرهم إلى المصالح الذاتية، ويقدمون جانب الشورى على رأي الفرد. وإذا استثنينا الحكم الربضي الذي ساءت سيرته في نظر الأتقياء لأنه أوقع بأهل الربض حين ثاروا عليه، فإنا نجد المصادر