أحداث الرحلة تتصل بسفارة الغزال إلى بلاد المجوس (النورمان) واستغرقت هذه الرحلة بين سفر وإقامة مدة عشرين شهرا.
ففي سنة ٢٣٠هـ هاجم النورمانديون في نحو ثمانين مركبا شبه جزيرة البيرة سالكين الطريق البحرية من اشبونة إلى قادس ثم إلى شذونة ثم توغلوا حتى اشبيلية قسرا وقتلوا كثيرا من أهلها واستمروا على ذلك سبعة أيام فلما سمع الأمير عبد الرحمن بذلك بعث بالجيوش لمهاجمتهم، وتزايدت قوة المجوس بمقدوم عدد جديد من السفن، وتغلغلوا إلى قرى أخرى في عمالة اشبيلية، وبعد ان فتكوا بالناس فتكا ذريعا عاد قسم كبير منهم إلى شذونة ثم إلى قادس. وفي أواخر صفر استطاعت جيوش عبد الرحمن ان تصيب في من بقي منهم مقتلا عند قرية طلياطة، وقتل قائد أسطولهم وصلب بعض من أخذ منهم على جذوع النخل باشبيلية، كل ذلك حدث في خلال اثنين وأربعين يوما، ويبدو انهم أحبوا الصلح بعد هذه المعارك فوفد رسول منهم على عبد الرحمن، فوافق هذا على الصلح وانتدب الغزال ليذهب إلى بلادهم، وبعث معه بهدية ثمينة، وهيء له مركب حاذى به مركب الرسول، وذهبوا جميعا إلى بلاد المجوس. وفي عودته، مر بشنت يعقوب، ثم صدر علة قشالة؛ ومنها إلى طليطلة ومنها إلى قرطبة.
إذن فان هذه الرحلة قد تمت بعيد سنة ٢٣٠ هـ وعمر الغزال يومئذ إذا حسبنا انه ولد سنة ١٥٦هـ كان يناهز الخامسة والسبعين، الا ان تمام بن علقمة الذي سج تاريخ هذه الرحلة يقول انه كان قد شارف الخمسين، وعلى هذا فهناك خطأ ما في هذا الموقف، إما في حقيقة سن الغزال أو في التاريخ الذي ذهب فيه إلى بلاد المجوس؛ وللخروج من هذا الاضطراب علينا أن نفترض أن هناك سفارتين السفارة الأولى كانت إلى القسطنطينية وعمر الغزال خمسون سنة والثانية كانت إلى بلاد المجوس وعمره قد تجاوز السبعين.