لها في ذلك قالت:" ليس في ديننا نحن هذا ولا عندنا غيرة ولا نساؤنا مع رجالنا الا باختيارهن تقيم المرأة معه ما أحببت وتفارقه إذا كرهت ".
ونوادره مع الملكة مبنية على خفة ظله وميله إلى الدعابة، كأن تسأله عن سنه فيقول لها: عشرون، فإذا أبدت دهشتها قال لها وما تنكرين من هذا؟ ألم تري مهرا ينتج وهو أشهب، وربما تدخل في هذه الحكايات شيء من الخيال المشرقي عن الختان والخضاب وما أشبه. ويروى ابن سعيد أنها قد جاءته ذات مرة بخمر، وطلبت إليه ان يشربها، فأنى لأن ذلك لا يجوز في دينه ثم أدركته ندامة فقال من قصيدة يعبر عن ذلك (١) :
فقلت حماقة مني ونوكا ... فديتك لست من أهل الشمول
فأية غرة سبحان ربي ... لو اني كنت من أهل العقول شخصيته وخلقه
كان يحيى بن الحكم في صباه جميلا ومن اجل جماله لقب بالغزال، ويبدو انه كان فارع الطول، قوي البنية، وقد احتفظ بقوة بنيته هذه وهو في سن عالية، وقد وصفه معاصره تمام بن علقمة لأنه كان في اكتهاله وسيما، وانه حين سفر إلى بلاد المجوس كان ما يزال مجتمع الأشد ضرب الجسم حسن الصورة، وانه كان قد وخطه الشيب، وفي شيخوخته ما يزال الأمير عبد الرحمن يداعبه بذكر جماله، فينكر هذا ويؤكد أن الزمن قد غيره، وأحاله عن الحال الأولى، ولا ريب في أن اختياره للسفارة في بلاد أجنبية كان يشير إلى الجانبين البارزين من شخصيته: خلقه وخلقه، فأما الخلق فهو موصوف بحدة الخاطر وبديهة الرأي وحسن الجواب والنجدة والإقدام والحنكة السياسية، هذا إلى ثقافة جيدة، وبخاصة معرفته بعلم النجوم، كمعاصرة ابن الشمر منجم الأمير عبد الرحمن،